فصل: باب خيار النقيصة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل محل القولين

في مسائل الباب إذا اتحدت الصفقة دون ما إذا حتى لو باع ماله في صفقة ومال غيره في صفقة أخرى صح في ماله بلا خلاف وأما بيان تعددها واتحادها فطريقه أن يقول إذا سمى لكل واحد من الشيئين ثمناً مفصلاً فقال‏:‏ بعتك هذا بكذا وهذا بكذا فقبل المشتري كذلك على التفصيل فهما عقدان متعددان ولو جمع المشتري في القبول فقال قبلت فيهما فكذلك على وقيل إن الصفقة متحدة وهو شاذ وتتعدد الصفقة أيضاً بتعدد البائع وإن اتحد المشتري والمعقود عليه كما إذا باع رجلان عبداً لرجل صفقة واحدة وهل تتعدد بتعدد المشتري مثل أن يشتري رجلان من رجل عبداً فقولان أظهرهما تعدد كالبائع والثاني لا لأن المشتري بان على الإيجاب السابق فالنظر إلى من أوجب العقد‏.‏

وللتعدد والاتحاد فوائد غير ما ذكرنا‏.‏

منها‏:‏ إذا حكمنا بالتعدد فوزن أحد المشتريين نصيبه من الثمن لزم البائع تسليم قسطه من المبيع بتسليم المشاع وإن قلنا بالاتحاد لم يجب تسليم شىء إلى أحدهما وإن وزن جميع ما عليه حتى يزن الآخر لثبوت حق الحبس كما لو اتحد المشتري وسلم بعض الثمن لا يسلم إليه قسطه من المبيع وفيه وجه أنه يسلم إليه القسط إذا كان مما يقبل القسمة وهو شاذ‏.‏

ومنها‏:‏ إذا قلنا بالتعدد فخاطب رجل رجلين فقال بعتكما هذا العبد بألف فقبل أحدهما نصف بخمسمائة أو قال مالكاً عبد لرجل بعناك هذا العبد بألف فقبل نصيب أحدهما بعينه بخمسمائة لم يصح على الأصح‏.‏

فرع إذا وكل رجلان رجلاً في البيع أو الشراء وقلنا الصفقة تتعدد بتعدد المشتري أو وكل رجلين في البيع أو الشراء فهل الاعتبار في تردد العقد واتحاده بالعاقد أو المعقود له فيه أوجه أصحها عند الأكثرين أن الاعتبار بالعاقد وبه قال ابن الحداد لأن أحكام العقد تتعلق به ألا ترى أن المعتبر رؤيته دون رؤية الموكل وخيار المجلس يتعلق به دون الموكل والثاني الاعتبار بالمعقود له قاله أبو زيد والخضري وصححه الغزالي في الوجيز لأن الملك له والثالث الاعتبار في طرف البيع بالمعقود له وفي الشراء بالعاقد قاله أبو إسحاق المروزي والفرق أن العقد يتم في الشراء بالمباشر دون المعقود له ولهذا لو أنكر المعقود له الإذن في المباشرة وقع العقد للمباشر بخلاف طرف البيع قال الإمام وهذا الفرق فيما إذا كان التوكيل بالشراء في الذمة فإن وكله بشراء عبد بثوب معين فهو كالتوكيل بالبيع والرابع الاعتبار في جانب الشراء بالموكل وفي البيع بهما جميعاً فأيهما تعدد تعدد العقد اعتباراً بالشقص المشفوع فإن العقد يتعدد بتعدد الموكل في حق الشفيع ولا يتعدد بتعدد الوكيل‏.‏

ويتفرع على هذا الأوجه مسائل‏.‏

منها‏:‏ لو اشترى شيئاً بوكالة رجلين فخرج معيباً فإن اعتبرنا العاقد فليس لأحد الموكلين إفراد نصيبه بالرد كما لو اشترى ومات عن ابنين وخرج معيباً لم يكن لأحدهما إفراد نصيبه بالرد وهل لأحد الموكلين والابنين أخذ الأرش إن وقع اليأس من رد الآخر بأن رضي به فنعم وإن لم يقع فكذلك على الأصح‏.‏

ومنها‏:‏ لو وكل رجلان رجلاً ببيع عبد لهما أو وكل أحد الشريكين صاحبه فباع الكل ثم خرج معيباً فعلى الوجه الأول لا يجوز للمشتري رد نصيب أحدهما وعلى الأوجه الأخر يجوز ولو وكل رجل رجلين في بيع عبده فباعاه لرجل فعلى الوجه الأول يجوز للمشتري رد نصيب أحدهما وعلى الأوجه الأخر لا يجوز ولو وكل رجلان رجلاً في شراء عبد أو وكل رجل رجلا في شراء عبد له ولنفسه ففعل وخرج العبد معيبا فعلى الوجه الأول والثالث ليس لأحد الموكلين إفراد نصيبه بالرد وعلى الثاني والرابع يجوز وقال القفال إن علم البائع أنه يشتري لهما فلأحدهما رد نصيبه لرضى البائع بالتشقيص وإن جهله فلا‏.‏

ومنها‏:‏ لو وكل رجلان رجلاً في بيع عبد ورجلان رجلا في شرائه فتبايع الوكيلان فخرج معيباً فعلى الوجه الأول لا يجوز التفريق وعلى الوجوه الأخر يجوز ولو وكل رجل رجلين في بيع عبد ووكل رجل آخرين في شراء فتبايع الوكلاء فعلى الوجه الأول يجوز التفريق وعلى الأوجه الأخر لا يجوز‏.‏

الخيار ضربان خيار نقص وهو ما يتعلق بفوات شيء مظنون الحصول وخيار شهوة وهو ما لا يتعلق بفوات شيء فالأول له باب نذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى وأما الثاني فله سببان المجلس والشرط وإذا صححنا بيع الغائب أثبتنا خيار الرؤية فتصير الأسباب ثلاثة‏.‏

السبب الأول‏:‏ كونهما مجتمعين في مجلس العقد فلكل واحد من المتبايعين الخيار في فسخ البيع ما لم يتفرقا أو يتخايرا‏.‏

 فصل في بيان العقود التي يثبت فيها خيار المجلس

والتي لا تثبت العقود ضربان‏.‏

أحدهما‏:‏ العقود الجائزة‏.‏

إما من الجانبين كالشركة والوكالة والقراض والوديعة والعارية وإما من أحدهما كالضمان والكتابة فلا خيار فيها وكذا الرهن لكن لو كان الرهن مشروطاً في بيع وأقبضه قبل التفرق أمكن فسخ الرهن بأن يفسخ البيع فينفسخ الرهن تبعاً وحكي وجه أنه يثبت الخيار في الكتابة والضمان وهو شاذ ضعيف‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ العقود اللازمة وهي نوعان واردة على العين وواردة على المنفعة‏.‏

فالأول‏:‏ كالصرف وبيع الطعام بالطعام والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة فيثبت فيها جميعاً خيار المجلس‏.‏

وتستثنى صور‏.‏

إحداها‏:‏ إذا باع ماله لولده أو بالعكس ففي ثبوت خيار المجلس وجهان أصحهما يثبت فعلى هذا يثبت خيار للأب وخيار للولد والأب نائبه فإن ألزم البيع لنفسه وللولد لزم وإن ألزم لنفسخ بقي الخيار للولد وإذا فارق المجلس لزم العقد على الأصح والثاني لا يلزم إلا بالإلزام لأنه لا يمكن أن يفارق نفسه وإن فارق المجلس‏.‏

الثانية‏:‏ لو اشترى من يعتق عليه كأبيه وابنه قال جمهور الأصحاب يبنى ثبوت خيار المجلس على أقوال الملك في زمن الخيار فإن قلنا إنه للبائع فلهما الخيار ولا نحكم بالعتق حتى يمضي زمن الخيار وإن قلنا موقوف فلهما الخيار وإذا أمضينا العقد تبينا أنه عتق بالشراء وإن قلنا الملك للمشتري فلا خيار له ويثبت للبائع ومتى يعتق وجهان أصحهما لا يحكم بعتقه حتى يمضي زمن الخيار ثم نحكم يومئذ بعتقه من يوم الشراء والثاني نحكم بعتقه حين الشراء وعلى هذا هل ينقطع خيار البائع وجهان كالوجهين في ما إذا أعتق المشتري العبد الأجنبي في زمن الخيار وقلنا الملك له قال في التهذيب ويحتمل أن نحكم بثبوت الخيار للمشتري أيضاً تفريعاً هذه طريقة الجمهور وقال إمام الحرمين المذهب أنه لا خيار وقال الأودني يثبت وتابع الغزالي إمامه على ما اختاره وهو شاذ والصحيح ما سبق عن الأصحاب‏.‏

الثالثة‏:‏ الصحيح أن شراء العبد نفسه من سيده جائز وفي ثبوت خيار المجلس وجهان حكاهما أبو حسن العبادي ومال إلى ترجيح ثبوته وقطع الغزالي وصاحب التتمة بعدم ثبوته‏.‏

الرابعة‏:‏ في ثبوت الخيار في شراء الجمد في شدة الحر وجهان لأنه يتلف بمضي الزمان‏.‏

الخامسة‏:‏ إن صححنا بيع الغائب ولم نثبت خيار المجلس مع خيار الرؤية فهذا البيع من صور الاستثناء‏.‏

السادسة‏:‏ إن باع بشرط نفي خيار المجلس فثلاثة أوجه سنذكرها قريباً إن شاء الله تعالى أحدها يصح البيع والشرط فعلى هذا تكون هذه الصورة مستثناة هذا حكم المبيع بأنواعه ولا يثبت خيار المجلس في صلح الحطيطة ولا في الإبراء ولا في الإقالة إن قلنا إنها فسخ وإن قلنا إنها بيع ففيها الخيار ولا يثبت في الحوالة إن قلنا إنها ليست معاوضة وإن قلنا معاوضة فكذا أيضاً على الأصح لأنها ليست على قواعد المعاوضات ولا يثبت في الشفعة للمشتري وفي ثبوته للشفيع وجهان فإن أثبتناه فقيل معناه أنه بالخيار بين الأخذ والترك ما دام في المجلس مع تفريعنا على قول الفور قال إمام الحرمين هذا غلط بل الصحيح أنه على الفور ثم له الخيار في نقض الملك ورده ومن اختار عين ماله لإفلاس المشتري فلا خيار له وفي وجه ضعيف له الخيار ما دام في ولا خيار في الوقف كالعتق ولا في الهبة إن لم يكن ثواب فإن كان ثواب مشروط أو قلنا يقتضيه الإطلاق فلا خيار أيضاً على الأصح لأنه لا يسمى بيعاً والحديث ورد في المتبايعين‏.‏

ويثبت الخيار في القسمة إن كان فيها رد زإلا فإن جرت بالإجبار فلا خيار وإن جرت بالتراضي فإن قلنا إنها إقرار فلا خيار وإن قلنا بيع فكذا على الأصح‏.‏

النوع الثاني العقد الوارد على المنفعة‏.‏

فمنه‏:‏ النكاح ولا خيار فيه ولا خيار في الصداق على الأصح فإن أثبتناه ففسخت وجب مهر المثل وعلى هذين الوجهين ثبوت خيار المجلس في عوض الخلع ولا تندفع الفرقة بحال‏.‏

ومنه‏:‏ الإجارة وفي ثبوت خيار المجلس فيها وجهان أصحهما عند صاحب المهذب وشيخه الكرخي يثبت وبه قال الاصطخري وصاحب التلخيص وأصحهما عند الإمام وصاحب التهذيب والأكثرين لا يثبت وبه قال أبو إسحق وابن خيران قال القفال في طائفة الخلاف في إجارة العين أما الإجارة على الذمة فيثبت فيها قطعاً كالسلم فإن أثبتنا الخيار في إجارة العين ففي ابتداء مدتها وجهان أحدهما من وقت انقضاء الخيار بالتفرق‏.‏

فعلى هذا لو أراد المؤجر أن يؤجره لغيره في مدة الخيار قال الإمام لم يجزه أحد فيما أظن وإن كان محتملاً في القياس وأصحهما أنها تحسب من وقت العقد فعلى هذا على من تحسب مدة الخيار إن كان قبل تسليم العين إلى المستأجر فهي محسوبة على المؤجر وإن كانت بعده فوجهان بناء على أن المبيع إذا هلك في يد المشتري في زمن الخيار من ضمان من يكون الأصح أنه من ضمان المشتري فعلى هذا يحسب على المستأجر وعليه تمام الأجرة والثاني من ضمان البائع فعلى هذا يحسب على المؤجر ويحط من الأجرة قدر ما يقابل تلك المدة‏.‏

وأما المساقاة ففي ثبوت خيار المجلس فيها طريقان أصحهما على الخلاف في الإجارة والثاني القطع بالمنع لعظم الغرر فيها فلا يضم إليه غرر الخيار والمسابقة كالإجارة إن قلنا إنها لازمة وكالعقود الجائزة إن قلنا‏:‏ جائزة‏.‏

فرع لو تبايعا بشرط نفي خيار المجلس فثلاثة أوجه أصحها البيع باطل والثاني أنه صحيح ولا خيار والثالث صحيح والخيار ثابت‏.‏

ولو شرط نفي خيار الرؤية على قول صحة بيع الغائب فالمذهب أن البيع باطل وبه قطع الأكثرون وطرد الإمام والغزالي فيه الخلاف وهذا الخلاف يشبه الخلاف في شرط البراءة من العيوب ويتفرع على نفي خيار المجلس ما إذا قال لعبده إن بعتك فأنتحر ثم باعه بشرط نفي الخيار فإن قلنا البيع باطل أو صحيح ولا خيار لم يعتق وإن قلنا صحيح والخيار ثابت عتق لأن عتق البائع في مدة الخيار نافذ‏.‏

 فصل فيما ينقطع به خيار المجلس

وجملته أن كل عقد ثبت فيه فإنه ينقطع بالتخاير وينقطع أيضاً بأن يتفرقا بأبدانهما عن مجلس العقد أما التخاير فهو أن يقولا تخايرنا أو اخترنا إمضاء العقد أو أمضيناه أو أجزناه أو ألزمناه وما أشبهها فلو قال أحدهما اخترت إمضاءه انقطع خياره وبقي خيار الآخر كما إذا أسقط أحدهما خيار الشرط وفي وجه ضعيف لا يبقى خيار الآخر لأن هذا الخيار لا يتبعض ثبوته فلا يتبعض سقوطه ولو قال أحدهما لصاحبه اختر أو خيرتك فقال الآخر اخترت انقطع خيارهما وإن سكت لم ينقطع خياره وينقطع خيار القائل على الأصح لأنه دليل الرضى ولو أجاز واحد وفسخ الآخر قدم الفسخ ولو تقابضا في المجلس وتبايعا العوضين بيعا ثانيا صح البيع الثاني أيضاً على المذهب وبه قطع الجمهور لأنه رضى بلزوم الأول وقيل إنه يبنى على أن الخيار هل يمنع انتقال الملك إن قلنا يمنع لم يصح ولو تقابضا في الصرف ثم أجازا في المجلس لزم العقد فإن أجازاه قبل التقابض فوجهان أحدهما تلغو الإجازة فيبقى الخيار والثاني يلزم العقد وعليهما التقابض فإن تفرقا قبل التقابض انفسخ العقد ولا يأثمان إن تفرقا عن تراض وإن انفرد أحدهما بالمفارقة أثم‏.‏

وأما التفرق فأن يتفرقا بأبدانهما فلو أقاما في ذلك لمجلس مدة متطاولة أو قاما وتماشيا مراحل فهما على خيارهما هذا هو الصحيح وبه قطع الجمهور وحكي وجه أنه لا يزيد على ثلاثة أيام ووجه أنهما لو شرعا في أمر آخر وأعرضا عما يتعلق بالعقد وطال الفصل انقطع الخيار ثم الرجوع في التفرق إلى العادة فما عده الناس تفرقا لزم به العقد فلو كانا في دار صغيرة فالتفرق أن يخرج أحدهما منها أو يصعد السطح وكذا لو كانا في مسجد صغير أو سفينة صغيرة فإن كانت الدار كبيرة حصل التفرق بأن يخرج أحدهما من البيت إلى الصحن أو من الصحن إلى بيت أو صفة وإن كانا في صحراء أو في سوق فإذا ولى أحدهما ظهره ومشى قليلا حصل التفرق على الصحيح وقال الاصطخري يشترط أن يبعد عن صاحبه بحيث لو كلمه على العادة من غير رفع الصوت لم يسمع كلامه ولا يحصل التفرق بأن يرخى ستر بينهما أو يشق نهر ولا يحصل ببناء جدار بينهما من طين أو جص على الأصح وصحن الدار والبيت الواحد إذا تفاحش اتساعهما كالصحراء‏.‏

فرع لو تناديا متباعدين وتبايعا صح البيع قال الإمام يحتمل أن يقال لا خيار لهما لأن التفرق الطارىء يقطع الخيار فالمقارن يمنع ثبوته ويحتمل أن يقال يثبت ما داما في موضعهما وبهذا قطع صاحب التتمة ثم إذا فارق أحدهما موضعه بطل خياره وهل يبطل خيار الآخر أم يدوم إلى أن يفارق مكانه فيه احتمالان للإمام‏.‏

قلت‏:‏ الأصح‏:‏ ثبوت الخيار وأنه متى فارق أحدهما موضعه بطل خيار الآخر ولو تبايعا وهما في بيتين من دار أوصحن وصفة ينبغي أن يكونا كالمتباعدين فيما ذكرنا وأن يثبت الخيار حتى يفارق أحدهما والله أعلم‏.‏

فرع موت أحدهما في المجلس لو مات أحدهما في المجلس نص أن الخيار لوارثه وقال إذا باع ومات في المجلس وجب البيع وللأصحاب ثلاث طرق أصحها في المسألتين قولان أظهرهما يثبت الخيار للوارث والسيد كخيار الشرط والعيب والثاني يلزم لأنه أبلغ من المفارقة بالبدن والطريق الثاني يثبت لهما قطعاً وقوله في المكاتب وجب البيع معناه لا يبطل بخلاف الكتابة والثالث تقرير النصين والفرق بأن الوارث خليفة الميت بخلاف السيد وحكي قول مخرج من خيار المجلس في خيار الشرط أنه لا يورث وهو شاذ ولو باع العبد المأذون أو اشترى ومات في المجلس فكالمكاتب وكذا الوكيل بالشراء إذا مات في المجلس هل للموكل الخيار فيه الخلاف كالمكاتب هذا إذا فرغنا على الصحيح أن الاعتبار بمجلس التوكيل وفي وجه يعتبر مجلس الموكل وهو شاذ ثم إن لم يثبت الخيار للوارث فقد انقطع خيار الميت وأما الحي ففي التهذيب أن خياره لا ينقطع حتى يفارق ذلك المجلس وقال الإمام يلزم العقد من الجانبين ويجوز تقدير خلاف فيه لما سبق أن هذا الخيار لا يتبعض سقوطه كثبوته‏.‏

قلت‏:‏ قول صاحب التهذيب أصح وفيه وجه ثالث حكاه القاضي حسين يمتد حتى يجتمع هو والوارث ورابع حكاه الروياني أنه ينقطع خياره بموت صاحبه فإذا بلغ الخبر الوارث حدث لهذا الخيار معه والله أعلم‏.‏

وإن قلنا‏:‏ يثبت الخيار للوارث فإن كان حاضرا في المجلس امتد الخيار بينه وبين العاقد الآخر حتى يتفرقا أو يتخايرا وإن كان غائباً فله الخيار إذا وصل الخبر إليه وهل هو على الفور أم يمتد امتداد مجلس بلوغ الخبر إليه وجهان كالوجهين في خيار الشرط إذا ورثه الوارث وبلغه الخبر بعد مضي مدة الخيار ففي وجه يمتد كما كان يمتد للميت لو بقي ومنهم من بناهما على وجهين في كيفية ثبوته للعاقد الباقي أحدهما له الخيار ما دام في مجلس العقد فعلى هذا يكون خيار الوارث في المجلس الذي يشاهد فيه المبيع والثاني يتأخر خياره إلى أن يجتمع هو والوارث في مجلس فحينئذ يثبت الخيار للوارث‏.‏

قلت‏:‏ حاصل الخلاف في خيار المجلس للوارث الغائب أربعة أوجه منها ثلاثة جمعها القاضي حسين أصحها يمتد الخيار حتى يفارق مجلس الخبر والثاني حتى يجتمعا والثالث على الفور والرابع يثبت له الخيار إذا أبصر المبيع ولا يتأخر والله أعلم‏.‏

فرع إذا ورثه اثنان فصاعداً وكانوا حضوراً في مجلس العقد فلهم الخيار إلى أن يفارقوا العاقد الآخر ولا ينقطع بمفارقة بعضهم على الأصح وإن كانوا غائبين عن المجلس قال في التتمة إن قلنا في الوارث الواحد يثبت الخيار في مجلس مشاهدة المبيع فههم الخيار إذا اجتمعوا في مجلس واحد وإن قلنا له الخيار إذا اجتمع هو والعاقد فكذا لهم الخيار إذا اجتمعوا به ومتى فسخ بعضهم وأجاز بعضهم ففي وجه لا ينفسخ في شيء والأصح أنه ينفسخ في الجميع كالمورث إذا فسخ في حياته في البعض وأجاز في البعض‏.‏

قلت‏:‏ وسواء فسخ بعضهم في نصيبه فقط أو في الجميع والله أعلم‏.‏

فرع إذا حمل أحد المتعاقدين فأخرج من المجلس مكرها فإن منع بأن سد فمه لم ينقطع خياره على المذهب وقيل وجهان كالقولين في الموت وهنا أولى ببقائه لأن إبطال حقه قهراً بعيد وإن لم يمنع الفسخ فطريقان أحدهما ينقطع وأصحهما على وجهين أصحهما لا ينقطع فإن قلنا ينقطع خياره انقطع أيضاً خيار الماكث وإلا فله التصرف بالفسخ والإجارة إذا تمكن وهل هو على الفور فيه الخلاف السابق فإن قلنا لا يتقيد بالفور وكان مستقراً حين زايله الإكراه في المجلس امتد الخيار امتداد ذلك المجلس وإن كان ماراً فإذا فارق في مروره مكان التمكن انقطع خياره وليس عليه الانقلاب إلى مجلس العقد ليجتمع بالعاقد الآخر إن طال الزمان وإن قصر ففيه احتمال للإمام وإذا لم يبطل خيار المخرج لم يبطل خيار الماكث أيضاً إن منع الخروج معه وإلا بطل على الأصح ولو ضربا حتى تفرقا بأنفسهما ففي انقطاع الخيار قولان كحنث المكره ولو هرب أحدهما ولم يتبعه الآخر مع التمكن بطل خيارهما وإن لم يتمكن بطل خيار الهارب وحده قاله في التهذيب‏.‏

قلت‏:‏ أطلق الفوراني والمتولي وصاحبا العدة و البيان وغيرهم أنه يبطل خيارهما بلا تفصيل وهو الأصح لأنه تمكن من الفسخ بالقول ولأن الهارب فارق مختارا بخلاف المكره فإنه لا فعل له والله أعلم‏.‏

فرع لو جن أحدهما أو أغمي عليه لم ينقطع الخيار بل الحاكم مقامه فيفعل ما فيه الحظ من الفسخ والإجازة وفي وجه مخرج من الموت أنه ينقطع ولو خرس أحدهما في المجلس فإن كانت له إشارة مفهومة أو كتابة فهو على فرع لو جاء المتعاقدان معا فقال أحدهما تفرقنا بعد البيع فلزم وأنكر الثاني التفرق وأراد الفسخ فالقول قول الثاني مع يمينه للأصل ولو اتفقا على التفرق وقال أحدهما فسخت قبله وأنكر الآخر فالقول قول المنكر مع يمينه على الصحيح وعلى الثاني قول مدعي الفسخ لأنه أعلم بتصرفه ولو اتفقا على عدم التفرق وادعى أحدهما الفسخ وأنكر الآخر فدعواه الفسخ فسخ‏.‏

السبب الثاني للخيار‏:‏ الشرط يصح خيار الشرط بالإجماع ولا يجوز أكثر من ثلاثة أيام فإن زاد بطل البيع ويجوز دون الثلاثة فلو كان المبيع مما يتسارع إليه الفساد فهل يبطل البيع أو يصح ويباع عند الإشراف على الفساد ويقام ثمنه مقامه وجهان حكاهما صاحب البيان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما الأول والله أعلم‏.‏

ويشترط أن تكون المدة متصلة بالعقد فلو شرطا خيار ثلاثة فما دونها من آخر الشهر أو متى شاءا أو شرطاً خيار الغد دون اليوم بطل البيع ولا يجوز شرط الخيار مطلقا ولا تقديره بمدة مجهولة فإن فعل بطل العقد ولو شرطا الخيار إلى وقت طلوع الشمس من الغد جاز ولو قالا إلى طلوعها قال الزبيري لا يجوز لأن السماء قد تغيم فلا تطلع وهذا بعيد فإن التغيم إنما يمنع من الإشراق واتصال الشعاع لا من الطلوع واتفقوا على أنه يجوز أن يقول إلى الغروب وإلى وقت قلت‏:‏ الأصح خلاف قول الزبيري والله أعلم‏.‏

ولو تبايعا نهاراً بشرط الخيار إلى الليل أو عكسه لم يدخل فيه الليل والنهار كما لو باع بألف إلى رمضان لا يدخل رمضان في الأجل‏.‏

فرع لو باع عبدين بشرط الخيار في أحدهما لا بعينه بطل البيع لو باع أحدهما لا بعينه ولو شرط الخيار في أحدهما بعينه ففيه قولا الجمع بين مختلفي الحكم وكذا لو شرط في أحدهما خيار يوم وفي الآخر يومين فإن صححنا البيع ثبت الخيار فيما شرط كما شرط ولو شرط الخيار فيهما ثم أراد الفسخ في أحدهما فعلى قولي تفريق الصفقة في الرد بالعيب ولو اشترى اثنان شيئاً من واحد صفقة واحدة بشرط الخيار فلأحدهما الفسخ في نصيبه كما في الرد بالعيب ولو شرط لأحدهما الخيار دون الآخر صح البيع على الأظهر‏.‏

فرع لو اشترى بشرط أنه إن لم ينقده الثمن في ثلاثة أيام فلا بيع بينهما أو باع بشرط أنه إن رد الثمن في ثلاثة أيام فلا بيع بينهما بطل البيع كما لو تبايعا بشرط أنه إن قدم زيد اليوم فلا بيع بينهما هذا هو الصحيح وعن أبي إسحق أنه يصح العقد والمذكور في الصورة الأولى شرط الخيار فرع قد اشتهر في الشرع أن قوله لا خلابة عبارة عن اشتراط ثلاثة أيام فإذا أطلقاها عالمين بمعناها كان كالتصريح بالاشتراط وإن كانا جاهلين لم يثبت الخيار فإن علم البائع دون المشتري فوجهان‏.‏

قلت‏:‏ الصحيح أنه لايثبت والله أعلم‏.‏

فرع إذا شرطا الخيار ثلاثة أيام ثم أسقطا اليوم الأول سقط الكل‏.‏

فرع إذا تبايعا بشرط الخيار ثلاثة فما دونها فابتداء المدة من وقت العقد أم من وقت التفرق أو التخاير فيه وجهان أصحهما الأول‏.‏

وأما ابتداء مدة الأجل فإن جعلنا الخيار من العقد فالأجل أولى وإلا فوجهان فإذا قلنا ابتداء الخيار من العقد فانقضت المدة وهما مصطحبان بعد انقطع خيار الشرط وبقي خيار المجلس وإن تفرقا والمدة باقية فالحكم بالعكس ولو أسقطا أحد الخيارين لم يسقط الآخر ولو قالا ألزمنا العقد أو أسقطنا الخيار مطلقاً سقطا ولو شرطا الابتداء من وقت التفرق بطل العقد على الصحيح وفي وجه يصح البيع والشرط وأما إذا قلنا ابتداء الخيار من التفرق فإذا تفرقا انقطع خيار المجلس واستؤنف خيار الشرط ولو أسقطا الخيار قبل التفرق بطل خيار المجلس ويبطل الآخر على الأصح لأنه غير ثابت ولو شرطا ابتداءه من حين العقد فوجهان أصحهما يصح العقد والشرط ولو شرطا الخيار بعد العقد وقبل التفرق وقلنا بثبوته فالحكم على الوجه الثاني لا يختلف وعلى الأول يحسب من وقت الشرط لا من وقت العقد ولا من التفرق‏.‏

فرع من له خيار الشرط له فسخ العقد حضر صاحبه أو غاب نفوذ هذا الفسخ إلى الحاكم‏.‏

 فصل فيما يثبت فيه خيار الشرط

من العقود وما لا يثبت والقول فيه أنه مع خيار المجلس يتلازمان في الأغلب لكن خيار المجلس أسرع وأولى ثبوتاً من خيار الشرط فربما انفكا لذلك فإذا أردت التفصيل فراجع ما سبق في خيار المجلس‏.‏

واعلم بأنهما متفقان في صورة الخلاف والوفاق إلا أن البيوع التي يشترط فيها التقابض في المجلس كالصرف وبيع الطعام بالطعام أو القبض في أحد العوضين كالسلم لا يجوز شرط الخيار فيها وإن ثبت خيار المجلس وإلا أن خيار الشرط لا يثبت في الشفعة بلا خلاف وكذا في الحوالة على ما حكاه العراقيون وإلا أن الوجه الغريب المذكور في خيار المجلس للبائع لمفلس لم يطردوه هنا وإلا أن في الهبة بشرط الثواب طريقة قاطعة تنفي خيار الشرط وإلا أن في الإجارة أيضاً طريقة مثل ذلك وحكم شرط الخيار في الصداق مذكور في كتاب الصداق‏.‏

 فصل جواز شرط الخيار للعاقدين

يجوز شرط الخيار للعاقدين ولأحدهما بالإجماع ويجوز أن يشرط لأحدهما يوم وللآخر يومان أو ثلاثة فإن شرطه لغيرهما فإن كان الغير أجنبيا فقولان أحدهما يفسد البيع وأظهرهما يصح البيع والشرط ويجري القولان في بيع العبد بشرط الخيار للعبد‏.‏

ولا فرق على القولين بين أن يشرطا جميعاً أو أحدهما الخيار لشخص واحد وبين أن يشرط هذا الخيار لواحد وهذا لآخر فإذا قلنا بالأظهر ففي ثبوت الخيار للشارط أيضاً قولان أو وجهان أظهرهما وهو ظاهر نصه في الصرف أنه لا يثبت اقتصاراً على الشرط فإذا لم نثبت الخيار للعاقد مع الأجنبي فمات الأجنبي في زمن الخيار ثبت له الآن على الأصح وإن أثبتنا الخيار للعاقد مع الأجنبي فلكل واحد منهما الاستقلال بالفسخ ولو فسخ أحدهما وأجاز الآخر فالفسخ أولى ولو اشترى شيئاً على أن يؤامر فلانا فيأتي بما يأمره به من الفسخ والإجازة فالمنصوص أنه يجوز وليس له الرد حتى يقول استأمرته فأمرني بالفسخ وتكلموا فيه من وجهين‏.‏

أحدهما‏:‏ أنه لماذا شرط أن يقول استأمرته قال الذين خصوا الخيار المشروط للأجنبي به هذا جواب على المذهب الذي قلناه ومؤيد له وقال الآخرون إنه مذكور احتياطاً والوجه الثاني أنه أطلق في التصوير شرط المؤامرة فهل يحتمل ذلك الصحيح أنه لا يحتمل واللفظ محمول على ما إذا قيد المؤامرة بالثلاث فما دونها وقيل يحتمل الإطلاق والزيادة على الثلاث كخيار الرؤية أما إذا كان ذلك الغير هو الموكل فيثبت الخيار للموكل فقط وللوكيل بالبيع والشراء شرط الخيار للموكل على الأصح لأن ذلك لايضره وطرد الشيخ أبو علي الوجهين في شرط الخيار لنفسه أيضاً وليس للوكيل في البيع شرط الخيار للمشتري ولا للوكيل في الشراء شرطه للبائع فإن خالف بطل العقد وإذا شرط الخيار لنفسه وجوزناه أو أذن فيه صريحاً ثبت له الخيار ولا يفعل إلا ما فيه الحظ للموكل لأنه مؤتمن بخلاف الأجنبي المشروط له الخيار لا يلزمه رعاية الحظ هكذا ذكروه ولقائل أن يجعل شرط الخيار له ائتمانا وهذا أظهر إذا جعلناه نائباً عن العاقد ثم هل يثبت للموكل الخيار معه في هذه الصورة فيه الخلاف المذكور فيما إذا شرط للأجنبي هل يثبت للعاقد وحكى الإمام فيما إذا أطلق الوكيل شرط الخيار بالإذن المطلق من الموكل ثلاثة أوجه أن الخيار يثبت للوكيل أو للموكل أم لهما‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما للوكيل ولو حضر الموكل مجلس العقد فحجر على الوكيل في خيار المجلس فمنعه الفسخ والإجازة فقد ذكر الغزالي كلاماً معناه أن فيه احتمالين أحدهما يجب الامتثال وينقطع خيار الوكيل قال وهو مشكل لأنه يلزم منه رجوع الخيار إلى الموكل وهو مشكل والثاني لا يمتثل لأنه من لوازم السبب السابق وهو البيع ولكنه مشكل لأنه يخالف شأن الوكالة التي مقتضاها امتثال قول الموكل وهذا الثاني أرجح وهذا معنى كلام الغزالي في البسيط و الوسيط وليس في المسألة خلاف وإن كانت عبارته موهمة إثبات خلاف والله أعلم‏.‏

 فصل ملك المبيع في زمن الخيار

لمن فيه ثلاثة أقوال أحدها‏:‏ للمشتري والملك في الثمن للبائع والثاني‏:‏ للبائع والملك في الثمن للمشتري والثالث موقوف‏.‏

فإن تم البيع بان حصول الملك للمشتري بنفس البيع وإلا بان أن ملك البائع لم يزل وكذا يتوقف في الثمن‏.‏

في موضع الأقوال طرق أحدها أنها إذا كان الخيار لهما إما بالشرط وإما بالمجلس أما إذا كان لأحدهما فهو مالك المبيع لنفوذ تصرفه والثاني أنه لا خلاف في المسألة ولكن إن كان الخيار للبائع فالملك له وإن كان للمشتري فله وإن كان لهما فموقوف وتنزل الأقوال على هذه الأحوال والثالث طرد الأقوال في جميع الأحوال وهو الأصح عند عامة الأصحاب منهم العراقيون والحليمي وأما الأظهر من الأقوال فقال الشيخ أبو حامد ومن نحا نحوه الأظهر أن الملك للمشتري وبه قال الإمام وقال آخرون الأظهر الوقف وبه قال صاحب التهذيب والأشبه توسط ذكره جماعة وهو أنه إن كان الخيار للبائع فالأظهر بقاء الملك له وإن كان للمشتري فالأظهر انتقاله إليه وإن كان لهما فالأظهر الوقف‏.‏

التفريع‏:‏ لهذه الأقوال فروع كثيرة‏.‏

منها ما يذكر في أبوابه‏.‏

ومنها‏:‏ ما يذكر هنا فمن ذلك كسب العبد والأمة المبيعين في زمن الخيار فإن تم البيع فهو للمشتري إن قلنا الملك له أو موقوف وإن قلنا للبائع فوجهان قال الجمهور الكسب للبائع لأن الملك له عند حصوله وقال أبو علي الطبري للمشتري وإن فسخ البيع فهو للبائع إن قلنا الملك له أو موقوف وإن قلنا للمشتري فوجهان أصحهما للمشتري وقال أبو إسحق للبائع‏.‏

وفي معنى الكسب اللبن والثمرة والبيض ومهر الجارية إذا وطئت بشبهة‏.‏

ومنه النتاج فإن فرض حدوث الولد وانفصاله في مدة الخيار لامتداد المجلس فهو كالكسب وإن كانت الجارية أو البهيمة حاملا عند البيع وولدت في زمن الخيار بني على أن الحمل هل يأخذ قسطا من الثمن وفيه قولان أحدهما لا كأعضائها فعلى هذا هو كالكسب بلا فرق وأظهرهما نعم كما لو بيع بعد الانفصال مع الأم فعلى هذا الحمل مع الأم كعينين بيعتا معا فإن فسخ البيع فهما للبائع وإلا فللمشتري‏.‏

ومنه العتق فإذا أعتق البائع في زمن الخيار المشروط لهما أو للبائع نفذ إعتاقه على كل قول وإن أعتقه المشتري فإن قلنا الملك للبائع لم ينفذ إن فسخ البيع وكذا إن تم على الأصح وإن قلنا موقوف فالعتق أيضاً موقوف فإن تم العقد بان نفوذه وإلا فلا وإن قلنا الملك للمشتري ففي العتق وجهان أصحهما وهو ظاهر النص لا ينفذ صيانة لحق البائع عن الإبطال وعن ابن سريج أنه ينفذ لمصادفته الملك ثم قيل بالنفوذ عنه مطلقاً وقيل إنه يفرق بين أن يكون موسراً فينفذ أو معسراً فلا ينفذ كالمرهون فإن قلنا لا ينفذ فاختار البائع الإجارة ففي الحكم بنفوذه الآن وجهان وإن قلنا ينفذ فمن وقت الإجازة أم الإعتاق وجهان أصحهما الأول وإن قلنا بوجه ابن سريج ففي بطلان خيار البائع وجهان أحدهما يبطل وليس له إلا الثمن وأصحهما لا يبطل لكن لا يرد العتق بل إذا فسخ أخذ منه قيمة العبد كنظيره في الرد بالعيب هذا كله إذا كان الخيار لهما أو للبائع أما إذا كان للمشتري فينفذ إعتاقه على جميع الأقوال لأنه إما مصادف ملكه وإما إجازة وليس فيه إبطال حق الغير وإن أعتقه البائع فإن قلنا الملك للمشتري لم ينفذ تم البيع أم فسخ ويجيء فيما لو فسخ الوجه الناظر إلى المآل وإن قلنا بالوقف لم ينفذ إن تم البيع وإلا نفذ وإن قلنا إنه للبائع فإن اتفق الفسخ فهو نافذ وإلا فقد أعتق ملكه الذي تعلق به حق لازم فهو كإعتاق الراهن‏.‏

ومنه‏:‏ الوطء فإن كان الخيار لهما أو للبائع ففي حله للبائع طرق أحدها أنا إن جعلنا الملك له فهو حلال وإلا فوجهان وجه الحل أنه يتضمن الفسخ وفي ذلك عود الملك إليه معه أو قبيله والطريق الثاني إن لم نجعل الملك له فحرام وإلا فوجهان وجه التحريم ضعف الملك و الطريق الثالث القطع بالحل مطلقاً‏.‏

والمذهب من هذا كله‏:‏ الحل إن جعلنا الملك له والتحريم إن لم نجعله له ولا مهر عليه بحال‏.‏

وأما وطء المشتري فحرام قطعاً لأنه وإن ملك على قول فملك ضعيف ولكن لا حد عليه على الأقوال لوجود الملك أو شبهته وهل يلزمه المهر إن تم البيع فلا إن قلنا الملك للمشتري أو موقوف وإن قلنا للبائع وجب المهر له على الصحيح وقال أبو إسحق لا يجب نظرا إلى المآل وإن فسخ البيع وجب المهر للبائع إن قلنا الملك له أو موقوف وإن قلنا للمشتري فلا مهر على الأصح ولو أولدها فالولد حر نسيب على الأقوال وهل يثبت الاستيلاد إن قلنا الملك للبائع فلا ثم إن تم البيع أو ملكها بعد ذلك ففي ثبوته حينئذ قولان كمن وطىء جارية غيره بشبهة ثم ملكها وعلى وجه الناظر إلى المآل إذا تم البيع نفذ الاستيلاد بلا خلاف وعلى قول الوقف إن تم البيع بان ثبوت الاستيلاد وإلا فلا فلو ملكها يوما عاد القولان وعلى قولنا الملك للمشتري في ثبوت الاستيلاد الخلاف المذكور في العتق فإن لم يثبت في الحال وتم البيع بان ثبوته‏.‏

ورتب الأئمة الخلاف في الاستيلاد على الخلاف في العتق فقيل الاستيلاد أولى بالثبوت وقيل عكسه وقال الإمام ولا يبعد القول بالتسوية والقول في وجوب قيمة الولد على المشتري كالقول في المهر أما إذا كان الخيار للمشتري وحده فحكم حل الوطء كما سبق في حل الوطء في طرف البائع إذا كان الخيار لهما أو له وأما البائع فيحرم عليه الوطء هنا فلو وطىء فالقول في وجوب المهر وثبوت الاستيلاد ووجوب القيمة كما ذكرناه في طرف المشتري إذا كان الخيار لهما أو للبائع‏.‏

فرع تلف المبيع بآفة سماوية إذا تلف المبيع بآفة سماوية في زمن الخيار نظر إن كان انفسخ العقد وإن كان بعده وقلنا الملك للبائع انفسخ أيضاً فيسترد الثمن ويغرم للبائع القيمة وفي القيمة الخلاف المذكور في كيفية غرامة المستعير والمستام وإن قلنا الملك للمشتري أو موقوف فوجهان أو قولان أحدهما ينفسخ أيضاً لحصول الهلاك قبل استقرار العقد وأصحهما لا ينفسخ لدخوله في ضمان المشتري بالقبض ولا فإن قلنا بالانفساخ فعلى المشتري القيمة قال الإمام وهنا يقطع باعتبار قيمة يوم التلف لأن الملك قبل ذلك لمشتري وإن قلنا بعدم الانفساخ فهل ينقطع الخيار وجهان أحدهما نعم كما ينقطع خيار الرد بالعيب بتلف المبيع وأصحهما لا كما لا يمتنع التحالف بتلف المبيع ويخالف الرد بالعيب لأن الضرر ثم يندفع بالأرش فإن قلنا بالأول استقر العقد ولزم الثمن وإن قلنا بالثاني فإن تم العقد لزم الثمن وإلا وجبت القيمة على المشتري واسترد الثمن فإن تنازعا في تعيين القيمة فالقول قول المشتري ومن الأصحاب من قطع بعدم الانفساخ وإن قلنا الملك للبائع وذكروا تفريعا أنه لو لم ينفسخ حتى انقضى زمن الخيار فعلى البائع رد الثمن وعلى المشتري القيمة قال الإمام هذا تخليط ظاهر‏.‏

فرع قبض المشتري المبيع في زمن الخيار لو قبض المشتري المبيع في زمن الخيار وأتلفه متلف قبل انقضائه إن قلنا الملك للبائع انفسخ البيع كالتلف وإن قلنا للمشتري أو موقوف نظر إن أتلفه أجنبي بني على ما لو تلف إن قلنا ينفسخ العقد هناك فهو كإتلاف الأجنبي المبيع قبل القبض وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى وإن قلنا لا ينفسخ وهو الأصح فكذا هنا وعلى الأجنبي القيمة والخيار بحاله فإن تم البيع فهي للمشتري وإلا فللبائع وإن أتلفه المشتري استقر الثمن عليه فإن أتلفه في يد البائع وجعلنا إتلافه قبضا فهو كما لو تلف في يده وإن أتلفه البائع في يد المشتري ففي التتمة أنه يبنى على أن إتلافه كإتلاف الأجنبي أم كالتلف بآفة سماوية وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع تلف بعض المبيع في زمن الخيار لو تلف بعض المبيع في زمن الخيار بعد القبض بأن فمات أحدهما ففي الانفساخ في التالف الخيار السابق فإن انفسخ جاء في الانفساخ في الباقي قولا تفريق الصفقة وإن لم ينفسخ فقي خياره في الباقي إن قلنا يجوز رد أحد العبدين إذا اشتراهما بشرط الخيار وإلا ففي بقاء الخيار في الباقي الوجهان وإذا بقي الخيار فيه ففسخ رده مع قيمة الهالك‏.‏

فرع قبض المبيع في زمن الخيار إذا قبض المبيع في زمن الخيار ثم أودعه عند البائع فتلف يده فهو كما لو تلف في يد المشتري حتى إذا فرعنا على أن الملك للبائع ينفسخ البيع ويسترد الثمن ويغرم القيمة حكاه الإمام عن الصيدلاني ثم أبدى احتمالاً في وجوب القيمة لحصول التلف بعد العود إلى يد المالك‏.‏

فرع تسليم المبيع لا يجب على البائع تسليم المبيع ولا على المشتري تسليم الثمن في زمن الخيار فلو تبرع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده وله استرداد المدفوع فرع اشترى زوجته بشرط الخيار لو اشترى زوجته بشرط الخيار ثم خاطبها بالطلاق في زمن فإن تم العقد وقلنا الملك للمشتري أو موقوف لم يقع الطلاق وإن قلنا للبائع وقع وإن فسخ وقلنا للبائع أو موقوف وقع وإن قلنا للمشتري فوجهان وليس له الوطء في زمن الخيار لأنه لا يدري أيطأ بالملك أو بالزوجية هذا هو الصحيح المنصوص وفي وجه له الوطء‏.‏

 فصل فيما يحصل به الفسخ

والإجازة لا يخفى ما يحصلان به من البائع فسخت البيع أو استرجعت المبيع أو رددت الثمن وقال الصيمري قول البائع في زمن الخيار لا أبيع حتى يزيد في الثمن وقول المشتري لا أفعل فسخ وكذا قول المشتري لا أشتري حتى تنقص لي من الثمن وقول البائع لا أفعل وكذا طلب البائع حلول الثمن المؤجل وطلب المشتري تأجيل الثمن الحال‏.‏

فرع إذا كان للبائع خيار فوطؤه المبيعة في زمن الخيار فسخ على لإشعاره باختيار الإمساك وفي وجه لا يكون فسخاً وفي وجه إنما يكون فسخاً إذا نوى به الفسخ فعلى الصحيح لو قبل أو باشر فيما دون الفرج أو لمس بشهوة لا يكون فسخا على الأصح وكذا الركوب والاستخدام وقطع في التهذيب بأن الجميع فسخ‏.‏

فرع إعتاق البائع إن كان له الخيار فسخ بلا خلاف وفي بيعه وجهان أصحهما أنه فسخ فعلى هذا في صحة البيع المأتي به وجهان أصحهما الصحة كالعتق ويجري هذا الخلاف في الإجارة والتزويج وكذا في الرهن والهبة إن اتصل بهما القبض وسواء وهب لمن لا يتمكن من الرجوع في هبته أو يتمكن كولده فإن تجرد الرهن والهبة عن القبض فهو كالعرض على البيع وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع علم البائع أن المشتري يطأ الجارية إذا علم البائع أن المشتري يطأ الجارية وسكت عليه هل يكون وجهان أصحهما لا كما لو سكت على بيعه وإجارته وكما لو سكت على وطء أمته لا يسقط به المهر ولو وطىء بالإذن حصلت الإجازة ولم يجب على المشتري مهر ولا قيمة ولد وثبت الاستيلاد قطعاً وما سبق في الفصل الماضي مفروض فيما إذا لم يأذن له البائع في الوطء ولا علم به‏.‏

فرع وطء المشتري هل هو إجازة منه وجهان أصحهما نعم وإعتاقه إن كان بإذن البائع نفذ وحصلت الإجازة في الطرفين وإلا ففي نفوذه ما سبق فإن نفذ حصلت الإجازة وإلا فوجهان أصحهما‏:‏ الحصول لدلالته على اختيار التملك قال الإمام ويتجه أن يقال إن أعتق وهو يعلم عدم نفوذه لم يكن إجازة قطعا وإن باع أو وقف أو وهب وأقبض بغير إذن البائع لم ينفذ قطعاً ولكن يكون إجازة على الأصح ولو باشر هذه التصرفات بإذن البائع أوباع للبائع نفسه صح على الأصح قال ابن الصباغ وعلى الوجهين جميعاً يلزم البيع ويسقط الخيار وقياس ما سبق أنا إذا لم ننفذها كان سقوط الخيار على وجهين ولو أذن له البائع في طحن الحنطة المبيعة فطحنها كان مجيزاً ومجرد الإذن في هذه التصرفات لا يكون إجازة من البائع حتى لو رجع قبل التصرف كان على خياره ذكره الصيدلاني وغيره‏.‏

فرع في العرض على البيع والإذن والتوكيل فيه وجهان وكذا في الرهن والهبة دون القبض أحدهما أنها كلها فسخ من جهة البائع وإجازة من جهة المشتري وأصحهما أنها ليست فسخاً ولا إجازة‏.‏

ولو باع المبيع في زمن الخيار بشرط الخيار قال الإمام إن قلنا لا يزول ملك البائع فهو قريب من الهبة الخالية من القبض وإن قلنا يزول ففيه احتمال لأنه أبقى لنفسه مستدركاً‏.‏

اشترى عبداً بجارية ثم أعتقهما معا نظر إن كان الخيار الجارية بناء على ما سبق أن إعتاق البائع نافذ متضمن للفسخ ولا يعتق العبد المشتري وإن جعلنا الملك فيه لمشتريه لما فيه من إبطال حق صاحبه على الأصح وعلى الوجه القائل بنفاذ إعتاق المشتري تفريعاً على أن الملك للمشتري يعتق العبد ولا تعتق الجارية وإن كان الخيار لمشتري العبد فثلاثة أوجه أصحها يعتق العبد لأنه إجازة والأصل استمرار العقد‏.‏

والثاني تعتق الجارية لأن عتقها فسخ فقدم على الإجازة ولهذا لو فسخ أحد المتبايعين وأجاز الآخر قدم الفسخ والثالث لا يعتق واحد منهما وإن كان الخيار لبائع العبد وحده فالمعتق بالإضافة إلى العبد مشتر والخيار لصاحبه وبالإضافة إلى الجارية بائع وقد سبق الخلاف في إعتاقهما والذي يفتى به أنه لا ينفذ العتق في واحد منهما في الحال فإن فسخ صاحبه نفذ في الجارية وإلا ففي العبد ولو كانت المسألة بحالها وأعتقهما مشتري الجارية فقس الحكم بما ذكرناه وقل إن كان الخيار لهما عتق العبد دون الجارية على الأصح وإن كان للمعتق وحده فعلى الأوجه الثلاثة في الأول يعتق العبد وفي الثاني الجارية ولا يخفى الثالث‏.‏

 باب خيار النقيصة

هو منوط بفوات شىء من المعقود عليه كان يظن حصوله وذلك الظن من أحد ثلاثة أمور أولها شرط كونه بتلك الصفة وثانيها اطراد العرف بحصولها فيه وثالثها أن يفعل العاقد ما يورث ظن حصولها‏.‏

فالأول من أسباب الظن‏:‏ كقوله بعت هذا العبد بشرط كونه كاتبا والصفات الملتزمة بالشرط قسمان أحدهما يتعلق به غرض مقصود فالخلف فيها يثبت الخيار وفاقا أو على خلاف فيه وذلك بحسب قوة الغرض وضعفه‏.‏

والثاني‏:‏ لا يتعلق به غرض مقصود فاشتراطه لغو ولا خيار بفقده فإذا شرط كون العبد كاتباً أو خبازاً أو صائغاً فهو من القسم الأول ويكفي أن يوجد من الصفة المشروطة ما ينطلق عليه الاسم ولا تشترط النهاية فيها ولو شرط إسلام العبد فبان كافرا أو شرط كون الجارية يهودية أو نصرانية فبانت مجوسية ثبت الخيار‏.‏

ولو شرط كفره فبان مسلما ثبت الخيار على الصحيح وقيل إن كان قريباً من بلاد الكفر أو في ناحية أغلب أهلها الذميون ثبت الخيار وإلا فلا وقال المزني لا خيار أصلاً‏.‏

ولو شرط بكارة الجارية فبانت ثيباً فله الرد سواء كانت مزوجة أم لا وقال أبو إسحق لا خيار إن كانت مزوجة لأن الافتضاض حق للزوج والصحيح الأول لأنه قد يطلقها ولو شرط ثيابتها فبانت بكراً أو شرط سبوطة شعرها فبان جعدا فلا خيار على الأصح لأنها أفضل كما لو شرط كون العبد أميا فبان كاتبا أو كونه فاسقا فبان عفيفاً ولو شرط الجعودة فبان سبطا ثبت الخيار‏.‏

ولو شرط كون العبد خصياً فبان فحلاً أو عكسه فله الرد لشدة اختلاف الأغراض وقيل لا رد في الصورة الأولى ولو شرط كونه مختونا فبان أقلف فله الرد وبالعكس لا رد وقال في التتمة إلا أن يكون العبد مجوسياً وهناك مجوس يشترون الأقلف بزيادة فله الرد ولو شرط كونه أحمق أو ناقص الخلقة فهو لغو‏.‏

وخيار الخلف على الفور فيبطل بالتأخير كما سنذكر في العيب إن شاء الله تعالى‏.‏

ولو تعذر الرد بهلاك وغيره فله الأرش كما في العيب‏.‏

ومسائل الفصل كلها مبنية على أن الخلاف في الشرط لا يفسد البيع وحكي قول ضعيف أنه يفسده‏.‏

الثاني من أسباب الظن‏:‏ اطراد العرف فمن اشترى شيئاً فوجده معيباً فله الرد ومن باع شيئاً يعلم به عيباً وجب عليه بيانه للمشتري‏.‏

قلت‏:‏ ويجب أيضاً على غير البائع ممن علمه إعلام المشتري والله أعلم‏.‏

فمن العيوب الخصاء والجب والزنا والسرقة في العبيد والإماء والإباق والبخر والصنان فيها والبخر الذي هو عيب هو الناشىء من تغير المعدة دون ما يكون لقلح الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيف الفم والصنان الذي هو عيب هو المستحكم الذي يخالف العادة دون ما يكون لعارض عرق أو حرك عنيفة أو اجتماع وسخ ونص الأصحاب على أنه لو زنا مرة واحدة في يد البائع فللمشتري الرد وإن تاب وحسنت حاله لأن تهمة الزنا لا تزول ولهذا لا يعود إحصان الحر الزاني بالتوبة وكذلك الإباق والسرقة يكفي في كونهما عيباً مرة واحدة‏.‏

ومن العيوب‏:‏ كون الدار أو الضيعة منزل الجند قال القاضي حسين في فتاويه هذا إذا اختصت من بين ما حواليها بذلك فإن كان ما حواليها من الدور بمثابتها فلا رد وكونها ثقيلة الخراج عيب وإن كنا لانرى أصل الخراج في تلك البلاد لتفاوت القيمة والرغبة ونعني بثقل الخراج كونه فوق المعتاد في أمثالها وفي وجه لا رد بثقل الخراج ولا بكونها منزل الجند وألحق في التتمة بهاتين الصورتين ما إذا اشترى داراً فوجد بقربها قصارين يؤذون بصوت الدق ويزعزعون الأبنية أو أرضا فوجد بقربها خنازير تفسد الزرع‏.‏

ولو اشترى أرضاً يتوهم أن لا خراج عليها فبان خلافه فإن لم يكن على مثلها خراج فله الرد وإن كان على مثلها ذلك القدر فلا رد وبول الرقيق في الفراش عيب في العبد والأمة إذا كان في غير أوانه أما في الصغر فلا‏.‏

وقدره في التهذيب بما دون سبع سنين والأصح اعتبار مصيره عادة‏.‏

ومنها‏:‏ كون الرقيق مجنوناً أو مخبلاً أو أبله أو أبرص أو مجذوماً أو أشل أو أقرع أو أصم أو أعمى أو أعور أو أخفش أو أجهر أو أعشى أو أخشم أو أبكم أو أرت لا يفهم أو فاقد الذوق أو أنملة أو الشعر أو الظفر أو له أصبع زائدة أو سن شاغية أو مقلوع بعض الأسنان وكون البهيمة درداء إلا في السن المعتاد وكونه ذا قروح أو ثآليل كثيرة أو بهق أو أبيض الشعر في غير أوانه ولا بأس بحمرته‏.‏

قلت‏:‏ البهق بفتح الباء الموحدة والهاء وهو بياض يعتري الجلد يخالف لونه ليس ببرص‏.‏

وأما السن الشاغية فهي الزائدة المخالفة لنبات الأسنان والأخفش نوعان أحدهما ضعيف البصر خلقة والثاني يكون بعلة حدثت وهو الذي يبصر بالليل دون النهار وفي يوم الغيم دون الصحو وكلاهما عيب وأما الأجهر بالجيم فهو الذي لا يبصر في الشمس والأعشى هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل والمرأة عشواء‏.‏

والأخشم الذي في أنفه داء لا يشم شيئاً وتقدم بيان الأرت في صفة الأئمة والله أعلم‏.‏

ومنها‏:‏ كونه نماماً أو ساحراً أو قاذفاً للمحصنات أو مقامراً أو تاركاً للصلوات أو شارباً للخمر وفي وجه ضعيف لا رد بالشرب وترك الصلاة‏.‏

ومنها كونه خنثى مشكلاً أو غير مشكل وفي وجه ضعيف إن كان رجلاً ويبول من فرج الرجال ومنها‏:‏ كون العبد مخنثاً أو ممكناً من نفسه وكون الجارية رتقاء أو قرناء أو مستحاضة أو معتدة أو محرمة أو مزوجة وكون العبد مزوجا وفي التزويج وجه ضعيف‏.‏

قلت‏:‏ إذا أحرم بإذن السيد فللمشتري الخيار وإلا فلا لأن له تحليله كالبائع وقد قدمنا هذا في آخر كتاب الحج والله أعلم‏.‏

ومنها‏:‏ تعلق الدين برقبتهما ولا رد بما يتعلق بالذمة‏.‏

ومنها‏:‏ كونهما مرتدين فلو بانا كافرين أصليين فقيل لا رد لا في العبد ولا في الإماء سواء كان ذلك الكفر مانعاً من الاستمتاع التمجس والتوثن أو لم يكن كالتهود وبهذا قطع صاحب التتمة والأصح ما في التهذيب أنه إن وجد الجارية مجوسية أو وثنية فله الرد وإن وجدها كتابية أو وجد العبد كافراً أي كفر كان فلا رد إن كان قريباً من بلاد الكفر بحيث لا تقل الرغبة فيه وإن كان في بلاد الإسلام حيث تقل الرغبة في الكافر وتنقص قيمته فله الرد ولو وجد الجارية لا تحيض وهي صغيرة أو آيسة فلا رد وإن كانت في سن تحيض النساء في مثلها غالبا فله الرد‏.‏

ولو تطاول طهرها وجاوز العادات الغالبة فله الرد والحمل في الجارية عيب وفي سائر الحيوان ليس بعيب على الصحيح وقال في التهذيب عيب‏.‏

ومن العيوب كون الدابة جموحاً أو عضوضاً أو رموحاً وكون الماء مشمساً والرمل تحت الأرض إن كانت مما تطلب للبناء والأحجار إن كانت مما تطلب للزرع والغرس وليست حموضة الرمان بعيب بخلاف البطيخ‏.‏

فرع لا رد بكون الرقيق رطب الكلام أو غليظ الصوت أو أو ولد زنا أو مغنياً أو حجاماً أو أكولاً أو قليل الأكل وترد الدابة بقلة الأكل ولا بكون الأمة ثيباً إلا إذا كانت صغيرة والمعهود في مثلها البكارة وإلا بكونها عقيماً وكون العبد عنيناً وعن الصيمري إثبات الرد بالتعنين وهو الأصح عند الإمام ولا بكون الأمة مختونة أو غير مختونة ولا بكون العبد مختوناً أو غير مختون إلا إذا كان كبيراً يخاف عليه من الختان وفي وجه لا تستثنى هذه الحالة أيضاً ولا بكون الرقيق ممن يعتق على المشتري ولا بكون الأمة أخته من الرضاع أو النسب أو موطوءة أبيه أو ابنه بخلاف المحرمة والمعتدة لأن التحريم هناك عام فتقل الرغبة وهنا خاص به وفي وجه يلحق ما نحن فيه بالمحرمة والمعتدة ولا أثر لكونها صائمة على الصحيح وفي وجه باطل‏.‏

ولو اشترى شيئاً فبان أن بائعه باعه بوكالة أو وصاية أو ولاية أو أمانة فهل له الرد لخطر فساد النيابة وجهان‏.‏

ولو بان كون العبد مبيعاً في جناية عمد وقد تاب عنها فوجهان فإن لم يتب فعيب وجناية الخطأ ليست بعيب إلا أن يكثر‏.‏

فرع من العيوب نجاسة المبيع إذا كان ينقص بالغسل‏.‏

ومنها‏:‏ خشونة مشي الدابة بحيث يخاف منها السقوط وشرب البهيمة لبن نفسها‏.‏

فرع ذكر القاضي أبو سعد بن أحمد في شرح أدب القاضي لأبي عاصم العبادي فصلاً في عيوب العبيد والجواري منها اصطكاك الكعبين وانقلاب القدمين إلى الوحشي والخيلان الكثيرة وآثار الشجاج والقروح والكي وسواد الأسنان والكلف المغير للبشرة وذهاب الأشفار وكون أحد ثديي الجارية أكبر من الآخر والحفر في الأسنان وهو تراكم الوسخ الفاحش في أصولها‏.‏

قلت‏:‏ في فتاوي الغزالي إذا اشترى أرضاً فبان أنها تنز إذا زادت دجلة وتضر بالزرع فله الرد إن قلت الرغبة بسببه والله أعلم‏.‏

هذا ما حضر ذكره من العيوب ولا مطمع في استيعابها فإن أردت ضبطاً فأشد العبارات ما أشار إليه الإمام رحمه الله وهو أن يقال يثبت الرد بكل ما في المعقود عليه من منقص العين أو القيمة تنقيصا يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثاله عدمه وإنما اعتبرنا نقص العين لمسألة الخصاء وإنما لم نكتف بنقص العين بل شرطنا فوات غرض صحيح لأنه لو قطع من فخذه أو ساقه قطعة يسيرة لا تورث شيئاً ولا تفوت غرضاً لا يثبت الرد ولهذا قال صاحب التقريب إن قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية ثبت الرد وإلا فلا وإنما اعتبرنا الشرط المذكور لأن الثيابة مثلا في الإماء معنى ينقص القيمة لكن لا رد بها لأنه ليس الغالب فيهن عدم الثيابة‏.‏

 فصل العيب

ينقسم إلى ما كان موجودا قبل البيع فيثبت به الرد ما حدث بعده فينظر إن حدث قبل القبض فكمثل وإن حدث بعده فله حالان أحدهما أن لا يستند إلى سبب سابق على القبض فلا رد به والثاني أن يستند وفيه صور‏.‏

إحداها‏:‏ بيع المرتد صحيح على الصحيح كالمريض المشرف على الهلاك وفي وجه لا يصح كالجاني‏.‏

وأما القاتل في المحاربة فإن تاب قبل الظفر به فبيعه كبيع الجاني لسقوط العقوبة المتحتمة وكذا إن تاب بعد الظفر وقلنا بسقوط العقوبة وإلا فثلاث طرق أصحها أنه كالمرتد والثاني القطع بأنه لا يصح بيعه إذ لا منفعة فيه لاستحقاق قتله بخلاف المرتد فإنه قد يسلم والثالث أنه كبيع الجاني فإن صححنا البيع في هذه الصور فقتل المرتد أو المحارب أو الجاني جناية توجب القصاص نظر إن كان ذلك قبل القبض انفسخ البيع وإن كان بعده وكان المشتري جاهلاً بحاله فوجهان أحدهما أنه من ضمان المشتري وتعلق القتل به كالعيب فإذا هلك رجع على البائع بالأرش وهو ما بين قيمته مستحق القتل وغير مستحقه من الثمن وأصحهما أنه من ضمان البائع فيرجع المشتري عليه بجميع الثمن ويخرج على الوجهين مؤنة تجهيزه من الكفن والدفن وغيرهما ففي الأول هي على المشتري وفي الثاني على البائع وإن كان المشتري عالماً بالحال عند الشراء أو تبين له بعد الشراء ولم يرد فعلى الوجه الأول لا يرجع بشىء كسائر العيوب وعلى الثاني وجهان أحدهما يرجع بجميع الثمن وأصحهما لا يرجع بشىء لدخوله في العقد على بصيرة وإمساكه مع العلم بحاله‏.‏

قلت‏:‏ قال صاحب التلخيص كل ما جاز بيعه فعلى متلفه القيمة إلا في مسألة وهو العبد المرتد يجوز بيعه ولا قيمة على متلفه قال القفال هذا صحيح لا قيمة على متلفه لأنه مستحق الإتلاف قال وكذا العبد إذا قتل في قطع الطريق فقتله رجل فلا قيمة عليه لأنه مستحق القتل قال فهذا يجوز بيعه ولا قيمة على متلفه فهذه صورة ثانية والله أعلم‏.‏

الصورة الثانية‏:‏ بيع من وجب قطعه بقصاص أو سرقة صحيح بلا خلاف لو قطع في يد المشتري عاد التفصيل المذكور في الصورة السابقة فإن كان جاهلاً بحاله حتى قطع فعلى الوجه الأول ليس له الرد لكون القطع من ضمانه لكن يرجع على البائع بالأرش وهو ما بين قيمته مستحق القطع وغير مستحقه من الثمن وعلى الأصح له الرد واسترجاع جميع الثمن كما لو قطع في يد البائع فلو تعذر الرد بسبب فالنظر في الأرش على هذا الوجه إلى التفاوت بين العبد سليماً وأقطع وإن كان المشتري عالماً فليس له الرد ولا الأرش‏.‏

الثالثة‏:‏ إذا اشترى مزوجة لم يعلم حالها حتى وطئها الزوج بعد القبض فإن كانت ثيباً فله الرد وإن كانت بكراً فنقص الافتضاض من ضمان البائع أو المشتري فيه الوجهان إن جعلناه من ضمان البائع فللمشتري الرد بكونها مزوجة فإن تعذر الرد بسبب رجع بالأرش وهو ما بين قيمتها بكراً غير مزوجة ومزوجة مفتضة من الثمن وإن جعلناه من ضمان المشتري فلا رد له وله الأرش وهو ما بين قيمتها بكراً غير مزوجة وبكراً مزوجة من الثمن وإن كان عالماً بزواجها أو علم ورضي فلا رد له فإن وجد بها عيباً قديماً بعد ما افتضت في يده فله الرد إن جعلناه من ضمان البائع وإلا رجع بالأرش وهو ما بين قيمتهامزوجة ثيباً سليمة ومثلها معيبة‏.‏

الرابعة‏:‏ لو اشترى عبداً مريضاً واستمر مرضه إلى أن مات في يد المشتري فطريقان أحدهما أنه على الخلاف في الصورة السابقة وبه قال الحليمي وأصحهما وأشهرهما القطع بأنه من ضمان المشتري لأن المرض يتزايد والردة خصلة واحدة وجدت في يد البائع فعلى هذا إن كان جاهلاً رجع بالأرش وهو ما بين قيمته صحيحا ومريضا وتوسط صاحب التهذيب بين الطريقين فقطع فيما إذا لم يكن المرض مخوفا بأنه من ضمان المشتري وجعل المرض المخوف والجرح الساري على الوجهين‏.‏

الثالث من أسباب الظن‏:‏ الفعل المغرر‏.‏

والأصل فيه التصرية وهي أن يربط أخلاف الناقة أو غيرها ويترك حلبها يوماً فأكثر حتى يجتمع اللبن في ضرعها فيظن المشتري غزارة لبنها فيزيد في ثمنها وهذا الفعل حرام لما فيه من التدليس ويثبت به الخيار للمشتري وفي خياره وجهان أصحهما أنه على الفور والثاني يمتد إلى ثلاثة أيام ولو عرف التصرية قبل ثلاثة أيام بإقرار البائع أو ببينة فخياره على الفور على الوجه الأول وعلى الثاني يمتد إلى آخر الثلاثة‏.‏

وهل ابتداؤها من العقد أو من التفرق فيه الوجهان في خيار الشرط ولو عرف التصرية في آخر الثلاثة أو بعدها فعلى الوجه الثاني لا خيار لامتناع مجاوزة الثلاثة وعلى الأول يثبت على الفور قطعاً‏.‏

ولو اشترى عالما بالتصرية فله الخيار على الثاني للحديث ولا خيار على الأول كسائر العيوب

إن علم التصرية قبل الحلب ردها ولا شىء عليه وإن كان بعده فإن كان اللبن باقياً لم يكلف المشتري رده مع المصراة لأن ما حدث بعد البيع ملكه وقد اختلط بالمبيع وتعذر التمييز وإذا أمسكه كان كما لو تلف فإن أراد رده فهل يجبر عليه البائع وجهان أحدهما نعم لأنه أقرب من بدله وأصحهما لا لذهاب طراوته ولا خلاف أنه لو حمض لم يكلف أخذه وإن كان تالفاً فيرد مع المصراة صاعاً من تمر وهل يتعين جنس التمر وقدر الصاع أما الجنس فالأصح أنه يتعين التمر فإن أعوز قال الماوردي رد قيمته بالمدينة والثاني لا يتعين فعلى هذا وجهان أصحهما القائم مقامه الأقوات كصدقة الفطر‏.‏

قال الإمام‏:‏ ولا يتعدى هنا إلى الأقط وعلى هذا وجهان أحدهما يتخير بين الأقوات وأصحهما الاعتبار بغالب قوت البلد والوجه الثاني يقوم مقامه أيضاً غير الأقوات حتى لو عدل إلى مثل اللبن أو قيمته عند إعواز المثل أجبر البائع على القبول كسائر المتلفات وهذا كله إذا لم يرض البائع فأما لو تراضيا بغير التمر من قوت أو غيره أو على رد اللبن المحلوب عند بقائه فيجوز بلا خلاف كذا قاله في التهذيب وغيره وذكر ابن كج وجهين في جواز إبدال التمر بالبر إذا تراضيا وأما القدر فوجهان أصحهما الواجب صاع قل اللبن أو وكثر للحديث والثاني يتقدر الواجب بقدر اللبن وعلى هذا فقد يزيد الواجب على الصاع وقد ينقص ثم منهم من خص هذا الوجه بما إذا زادت قيمة الصاع على نصف قيمة الشاة وقطع بوجوب الصاع إذا نقصت عن النصف ومنهم من أطلقه ومتى قلنا بالثاني قال الإمام تعتبر القيمة الوسط للتمر بالحجاز وقيمة مثل ذلك الحيوان بالحجاز فإذا كان اللبن عشر الشاة مثلا أوجبنا من الصاع عشر قيمة الشاة‏.‏

فرع اشترى شاة بصاع تمر فوجدها مصراة لو اشترى شاة بصاع تمر فوجدها مصراة فعلى الأصح يردها ويسترد الصاع الذي هو ثمن وعلى الثاني تقوم مصراة وغير مصراة ويجب بقدر التفاوت من الصاع‏.‏

فرع غير المصراة إذا حلب لبنها ثم ردها بعيب قال في التهذيب بدل اللبن كالمصراة وفي تعليق أبي حامد حكاية عن نصه أنه لا يرده لأنه قليل غير معتنى بجمعه بخلاف المصراة ورأى الإمام تخريج ذلك على أن اللبن هل يأخذ قسطا من الثمن أم لا والصحيح الأخذ‏.‏

فرع عدم قصد البائع التصرية لو لم يقصد البائع التصرية لكن ترك الحلب ناسيا أو لشغل أو تصرت بنفسها ففي ثبوت الخيار وجهان أحدهما لا وبه قطع الغزالي لعدم التدليس وأصحهما عند صاحب التهذيب نعم لحصول الضرر‏.‏

خيار التصرية يعم الحيوانات المأكولة وفي وجه شاذ يختص بالنعم ولو اشترى أتاناً فوجدها مصراة فأوجه الصحيح أنه يردها ولا يرد للبن شيئاً لأنه نجس والثاني يردها ويرد بدله قاله الاصطخري لذهابه إلى أنه طاهر مشروب والثالث لا يردها لحقارة لبنها ولو اشترى جارية فوجدها مصراة فأوجه أصحها يرد ولا يرد بدل اللبن لأنه لا يعتاض عنه غالبا والثاني يرد ويرد بدله والثالث لا يرد بل يأخذ الأرش‏.‏

فرع هذا الخيار غير منوط بالتصرية لذاتها بل لما فيها من التلبيس فيلتحق بها ما يشاركها فيه حتى لو حبس ماء القناة أو الرحى ثم أرسله عند البيع أو الإجارة فظن المشتري كثرته ثم تبين له الحال فله الخيار وكذا لو حمر وجه الجارية أو سود شعرها أو جعده أو أرسل الزنبور على وجهها فظنها المشتري سمينة ثم بان خلافه فله الخيار‏.‏

ولو لطخ ثوب العبد بالمداد أو ألبسه ثوب الكتاب أو الخبازين وخيل كونه كاتباً أو خبازاً فبان خلافه أو أكثر علف البهيمة حتى انتفخ بطنها فظنها المشتري حاملاً أو أرسل الزنبور في ضرعها فانتفخ وظنها لبوناً فلا خيار على الأصح لتقصير المشتري‏.‏

فرع بيان التصرية لو بانت التصرية لكن در اللبن على الحد الذي أشعرت به واستمر كذلك ففي ثبوت الخيار وجهان كالوجهين فيما إذا لم يعرف العيب القديم إلا بعد زواله وكالقولين فيما لو عتقت الأمة تحت عبد ولم يعلم عتقها حتى عتق الزوج‏.‏

فرع الرضا بإمساك المصراة رضي بإمساك المصراة ثم وجد بها عيباً قديماً نص أنه بدل اللبن وهو المذهب وقيل هو كمن اشترى عبدين فتلف أحدهما وأراد رد الآخر فيخرج على تفريق الصفقة‏.‏

فرع الخيار في تلقي الركبان مستنده التعزير كالتصرية وكذا خيار النجش إن أثبتناه وقد سبق بيانهما في باب المناهي‏.‏

فرع مجرد الغبن لا يثبت الخيار وإن تفاحش ولو اشترى زجاجة بثمن كثير يتوهمها جوهرة فلا خيار له ولا نظر إلى ما يلحقه من الغبن لأن التقصير منه حيث لم يراجع أهل الخبرة ونقل المتولي وجها شاذاً أنه كشراء الغائب وتجعل الرؤية التي لا تفيد المعرفة ولا تنفي الغرر كالمعدومة‏.‏

إذا باع بشرط أنه بريء من كل عيب بالمبيع فهل يصح فيه أربع طرق أصحها أن المسألة على ثلاثة أقوال أظهرها يبرأ في الحيوان عما لا يعلمه البائع دون ما يعلمه ولا يبرأ في غير الحيوان بحال والثاني يبرأ من كل عيب ولا رد بحال والثالث لا يبرأ من عيب ما‏.‏

والطريق الثاني‏:‏ القطع بالقول الأول‏.‏

والطريق الثالث‏:‏ يبرأ في الحيوان من غير المعلوم دون المعلوم ولا يبرأ في غير الحيوان من المعلوم وفي غير المعلوم قولان‏.‏

والطريق الرابع‏:‏ فيه ثلاثة أقوال في الحيوان وغيره ثالثها الفرق بين المعلوم وغيره ولو قال بعتك بشرط أن لا ترد العيب جرى فيه هذا الخلاف وزعم صاحب التتمة أنه فاسد قطعا مفسد للعقد‏.‏

ولو عين عيباً وشرط البراءة منه نظر إن كان مما لا يعاين كقوله بشرط براءتي من الزنا أو السرقة أو الإباق برىء منه بلا خلاف لأن ذكرها إعلام بها وإن كان مما يعاين كالبرص فإن أراه قدره وموضعه برىء قطعاً وإلا فهو كشرط البراءة مطلقاً لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه ووهكذا فصلوا وكأنهم تكلموا فيما يعرفه في المبيع من العيوب فأما ما لا يعرفه ويريد البراءة منه لو كان فقد حكى الإمام تفريعاً على فساد الشرط فيه خلافاً‏.‏

التفريع‏:‏ إن بطل هذا الشرط لم يبطل به البيع على الأصح وإن صح فذلك في العيوب الموجودة حال العقد فأما الحادث بعده وقبل القبض فيجوز الرد به‏.‏

ولو شرط البراءة من العيوب الكائبة والتي ستحدث فوجهان أصحهما وبه قطع الأكثرون أنه فاسد فإن أفرد ما سيحدث بالشرط فأولى بالفساد وأما إذا فرعنا على أظهر الأقوال فكما لا يبرأ عما علمه وكتمه فكذا لا يبرأ عن العيوب الظاهرة من الحيوان لسهولة معرفتها وإنما يبرأ عن عيوب باطن الحيوان التي لا يعلمها ومنهم من اعتبر نفس العلم ولم يفرق بين الظاهر والباطن وهل يلحق ما مأكوله في جوفه بالحيوان قيل نعم لعسر معرفته وقال الأكثرون لا لتبدل أحوال الحيوان‏.‏

 فصل موانع الرد

من موانع الرد أن لا يتمكن المشتري من رد المبيع وذلك قد يكون لهلاكه وقد يكون مع بقائه وعلى التقدير الثاني قد يكون لخروجه عن قبول النقل من شخص إلى شخص وربما كان مع قبوله للنقل وعلى التقدير الثاني فربما كان لزوال ملكه وربما كان مع بقائه لتعلق حق مانع‏.‏

الحال الأول والثاني‏:‏ إذا هلك المبيع في يد المشتري بأن مات العبد أو قتل أو تلف الثوب أو أكل الطعام أو خرج عن أن يقبل النقل بأن أعتق العبد أو استولد الجارية أو وقف الضيعة ثم علم كونه معيباً فقد تعذر الرد لفوات المردود لكن يرجع على البائع بالأرش والأرش جزء من الثمن نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليما إلى تمام القيمة وإنما كان الرجوع بجزء من الثمن لأنه لو بقي كل المبيع عند البائع كان مضموناً عليه بالثمن فإذا احتبس جزء منه كان مضموناً بجزء من الثمن‏.‏

مثاله‏:‏ كانت القيمة مائة دون العيب وتسعين مع العيب فالتفاوت بالعشر فيكون الرجوع بعشر الثمن فإن كان مائتين فبعشرين وإن كان خمسين فبخمسة وأما القيمة المعتبرة فالمذهب أنه تعتبر أقل القيمتين من يوم البيع ويوم القبض وبهذا قطع الأكثرون وقيل فيها أقوال أظهرها هذا والثاني يوم القبض والثالث يوم البيع وإذا ثبت الأرش فلو كان الأرش بعد في ذمة المشتري بريء من قدر الأرش وهل يبرأ بمجرد الاطلاع على العيب أم يتوقف على الطلب وجهان أصحهما الثاني وإن كان قد وفاه وهو باق في يد البائع فهل يتعين لحق المشتري أم يجوز للبائع إبداله وجهان أصحهما الأول ولو كان المبيع باقيا والثمن تالفا جاز الرد ويأخذ مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوما أقل ما كانت من يوم البيع إلى يوم القبض ويجوز الاستبدال عنه كالقرض وخروجه عن ملكه بالبيع ونحوه كالتلف ولو خرج وعاد فهل يتعين لأخذ المشتري أم للبائع إبداله وجهان أصحهما أولهما وإن كان الثمن باقيا في يده بحاله فإن كان معيناً في العقد أخذه وإن كان في الذمة ونقده ففي تعيينه لأخذ المشتري وجهان وإن كان ناقصاً نظر إن تلف بعضه أخذ الباقي وبدل التالف وإن كان نقص صفة كالشلل ونحوه لم يغرم الأرش على الأصح كما لو زاد زيادة متصلة يأخذها مجاناً ولو لم تنقص القيمة بالعيب كخروج العبد خصياً فلا أرش ولو اشترى عبداً بشرط العتق ثم وجدبه عيباً بعدما أعتقه نقل ابن كج عن ابن القطان أنه لا أرش له هنا ونقل عنه وجهين فيمن اشترى من يعتق عليه ثم وجد به عيباً قال وعندي له الأرش في الصورتين‏.‏

الحال الثالث‏:‏ لو زال ملكه عن المبيع ثم علم به عيباً فلا رد في الحال وأما الرجوع بالأرش فإن زالال بعوض كالهبة بشرط الثواب والبيع فقولان أحدهما يرجع كما لو مات وهذا تخريج ابن سريج فعلى تخريجه لو أخذ الأرش ثم رد عليه مشتريه بالعيب فهل له رده مع الأرش واسترداد الثمن وجهان والقول الثاني وهو المشهور لا يرجع ولم لا يرجع قال أبو إسحاق وابن الحداد لأنه استدرك الظلامة وقال ابن أبي هريرة لأنه ما أيس من الرد فربما عاد إليه فرده وهذا لمعنى هو الأصح وهو منصوص عليه في اختلاف العراقيين وإن زال بلا عوض فعلى تخريج ابن سريج يرجع بالأرش وعلى المشهور وجهان بناء على المعنيين إن قلنا بالأول رجع لأنه لم يستدرك الظلامة وإن قلنا بالثاني فلا لأنه ربما عاد إليه ومنهم من قطع بعدم الرجوع هنا وإن عاد الملك إليه بعد زواله نظر هل زال بعوض أم بغيره فهما ضربان‏.‏

القسم الأول‏:‏ أن يعود بطريق الرد بالعيب فله رده على بائعه لأنه زال التعذر وبان أنه لم يستدرك الظلامة وليس للمشتري الثاني رده على البائع الأول لأنه لم يملك منه ولو حدث به عيب في يد المشتري الثاني ثم ظهر عيب قديم فعلى تخريج ابن سريج للمشتري الأول أخذ الأرش من بائعه كما لو لم يحدث عيب ولا يخفى الحكم بينه وبين المشتري الثاني وعلى المشهور ينظر إن قبله المشتري الأول مع عيبه الحادث خير بائعه إن قبله فذاك وإلا أخذ الأرش منه وعن ابن القطان لا يأخذه واسترداده رضى بالعيب وإن لم يقبله وغرم الأرش للثاني ففي رجوعه بالأرش على بائعه وجهان أحدهما لا يرجع وبه قال ابن الحداد لأنه لو قبله ربما قبله منه بائعه فكان متبرعاً بغرامة الأرش وأصحهما يرجع لأنه ربما لا يقبله بائعه فيتضرر وعلى الوجهين لا يرجع ما لم يغرم للثاني لأنه ربما لا يطالبه فيبقى مستدركاً للظلامة ولو كانت المسألة بحالها وتلف المبيع في يد المشتري الثاني أو كان عبدا فأعتقه ثم ظهر العيب القديم رجع المشتري الثاني بالأرش على المشتري الأول والأول بالأرش على بائع بلا خلاف لحصول اليأس من الرد لكن هل يرجع على بائعه قبل أن يغرمه لمشتريه وجهان بناء على المعنيين إن عللنا باستدراك الظلامة لم يرجع ما لم يغرم وإن عللنا بالثاني رجع ويجري الوجهان فيما لو أبرأه الثاني هل يرجع هو على بائعه‏.‏

القسم الثاني‏:‏ أن يعود لا بطريق الرد بأن عاد بإرث أو هبة أو قبول وصية أو إقالة فهل له رده على بائعه وجهان لهما مأخذان أحدهما البناء على المعنيين السابقين إن عللنا بالأول لم يرد لأنه استدرك الظلامة ولم يبطل ذلك الاستدراك بخلاف ما لو رد عليه بالعيب وإن عللنا بالثاني رد لزوال التعذر كما لو رد عليه بعيب‏.‏

وأما المأخذ الثاني‏:‏ أن الملك العائد هل ينزل منزلة غير الزائل وإن عاد بطريق الشراء ثم ظهر عيب قديم كان في يد البائع الأول فإن عللنا بالمعنى الأول لم يرد على البائع الأول لحصول الاستدراك ويرد على الثاني وإن عللنا بالثاني فإن شاء رد على الأول وإن شاء على الثاني وإذا رد على الثاني فله أن يرد عليه وحينئذ يرد هو على الأول ويجيء وجه أنه لا يرد على الأول بناء على أن الزائل العائد كالذي لم يعد ووجه أنه لا يرد على الثاني لأنه لو رد عليه لرد هو أيضاً عليه‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ أن يزول لا بعوض فينظر إن عاد أيضاً لا بعوض فجواز الرد مبني على أنه هل يأخذ الأرش لو لم يعد إن قلنا لا فله الرد وإن قلنا يأخذ فهل ينحصر الحق فيه أم يعود إلى الرد عند القدرة وجهان وإن عاد بعوض بأن اشتراه فإن قلنا لا يرد في الحالة الأولى فكذا هنا ويرده على البائع الأخير وإن قلنا يرد فهنا نل يرد على الأول أو على الثاني أم يتخير فيه ثلاثة أوجه‏.‏

باع زيد عمراً شيئاً ثم اشتراه منه فظهر عيب كان في كانا عالمين بالحال فلا رد وإن كان زيد عالماً فلا رد له ولا لعمرو أيضاً لزوال ملكه ولا أرش له على الصحيح لاستدراك الظلامة أو لتوقع العود فإن تلف في يد زيد أخذ الأرش على التعليل الثاني وهكذا الحكم لو باعه لغيره وإن كان عمرو عالما فلا رد له ولزيد الرد وإن كانا جاهلين فلزيد الرد إن اشتراه بغير جنس ما باعه أو بأكثر منه ثم لعمرو أن يرد عليه وإن اشتراه بمثله فلا رد لزيد في أحد الوجهين لأن عمراً يرده عليه فلا فائدة وله الرد في أصحهما لأنه ربما رضي به فلم يرد ولو تلف في يد زيد ثم علم به عيباً قديما فحيث يرد لو بقى يرجع بالأرش وحيث لا يرد لا يرجع‏.‏

الحال الرابع‏:‏ إذا تعلق به حق بأن رهنه ثم علم العيب فلا رد في الحال وهل له الأرش إن عللنا باستدراك الظلامة فنعم وإن عللنا بتوقع العود فلا فعلى هذا لو تمكن من الرد رده وإن حصل اليأس أخذ الأرش وإن أجره ولم نجوز بيع المستأجر فهو كالرهن وإن جوزناه فإن رضي البائع به مسلوب المنفعة مدة الإجارة رد عليه وإلا تعذر الرد وفي الأرش وجهان ويجريان فيما لو تعذر الرد بإباق أو غصب ولو عرف العيب بعد تزويج الجارية أو العبد ولم يرض البائع بالأخذ قطع بعضهم بأن المشتري يأخذ الأرش هنا لأنه لم يستدرك الظلامة النكاح يراد للدوام فاليأس حاصل واختاره الروياني والمتولي ولو عرفه بعد الكتابة ففي التتمة أنه كالتزويج وذكر الماوردي أنه لا يأخذ الأرش على المعنيين بل يصبر لأنه قد يستدرك الظلامة بالنجوم وقد يعود إليه بالعجز فيرده والأصح أنه كالرهن وأنه لا يحصل الاستدراك بالنجوم‏.‏

 فصل الرد بالعيب على الفور

فيبطل بالتأخير بلا عذر ولا يتوقف على حضور الخصم وقضاء القاضي والمبادرة إلى الرد معتبرة بالعادة فلا يؤمر بالعدو والركض ليرد ولو كان مشغولاً بصلاة أو أكل أو قضاء حاجة فله التأخير إلى فراغه وكذا لو اطلع حين دخل وقت هذه الأمور فاشتغل بها فلا بأس وكذا لو لبس ثوبا أو أغلق بابا ولو اطلع ليلا فله التأخير إلى الصباح وإن لم يكن عذر فقد ذكر الغزالي فيه ترتيبا مشكلا خلاف المذهب‏.‏

واعلم أن كيفية المبادرة وما يكون تقصيراً وما لا يكون إنما نبسطه في كتاب الشفعة ونذكر هنا ما لا بد منه فالذي فهمته من كلام الأصحاب أن البائع إن كان في البلد رد عليه بنفسه أو بوكيله وكذا إن كان وكيله حاضراً ولا حاجة إلى المرافعة إلى القاضي ولو تركه ورفع الأمر إلى القاضي فهو زيادة توكيد وحاصل هذا تخييره بين الأمرين وإن كان غائباً عن البلد رفع إلى القاضي‏.‏

قال القاضي حسين في فتاويه‏:‏ يدعي شراء ذلك الشىء من فلان الغائب بثمن معلوم وأنه أقبضه الثمن وظهر العيب وأنه فسخ ويقيم البينة على ذلك في وجه مسخر ينصبه القاضي ويحلفه القاضي مع البينة لأنه قضاء على غائب ثم يأخذ المبيع منه ويضعه على يد عدل ويبقى الثمن دينا على الغائب فيقضيه القاضي من ماله فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه وإلى أن ينتهي إلى الخصم أو القاضي في الحالين لو تمكن من الإشهاد على الفسخ هل يلزمه وجهان قطع صاحب التتمة وغيره باللزوم ويجري الخلاف فيما لو أخر بعذر مرض أو غيره‏.‏

ولو عجز في الحال عن الإشهاد فهل عليه التلفظ بالفسخ وجهان أصحهما عند الإمام وصاحب التهذيب لا حاجة إليه وإذا لقي البائع فسلم عليه لم يضر فلو اشتغل بمحادثته بطل حقه‏.‏

فرع تأخير الرد مع العلم بالعيب لو أخر الرد مع العلم بالعيب ثم قال‏:‏ أخرت لأني الرد فإن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ في برية لا يعرفون الأحكام قبل قوله وله الرد وإلا فلا ولو قال لم أعلم أنه يبطل بالتأخير قبل قوله لأنه يخفى على العوام‏.‏

قلت‏:‏ إنما يقبل قوله لم أعلم أن الرد على الفور وقول الشفيع لم أعلم أن الشفعة على الفور إذا كان ممن يخفى عليه مثله وقد صرح الغزالي وغيره بهذا في كتاب الشفعة والله أعلم‏.‏

فرع حيث بطل الرد بالتقصير بطل الأرش‏.‏

ليس لمن له الرد أن يمسك المبيع ويطالب بالأرش وليس للبائع أن يمنعه من الرد ويدفع الأرش فلو رضيا بترك الرد على جزء من الثمن أو مال آخر ففي صحة هذه المصالحة وجهان أصحهما المنع فيجب على المشتري رد ما أخذ وهل يبطل حقه من الرد وجهان أصحهما لا والوجهان إذا ظن صحة المصالحة فإن علم بطلانها بطل حقه قطعاً‏.‏

فرع تأخير الرد مع الإمكان تقصير كما أن تأخير الرد مع الإمكان تقصير فكذا الاستعمال والانتفاع والتصرف لإشعارها بالرضى فلو كان المبيع رقيقا فاستخدمه في مدة طلب الخصم أو القاضي بطل حقه وإن كان بشىء خفيف كقوله اسقني أو ناولني الثوب أو أغلق الباب ففيه وجه أنه لا يضر لأنه قد يؤمر به غير المملوك وبه قطع الماوردي وغيره والأصح الأشهر أنه لا فرق‏.‏

قلت‏:‏ قال القفال في شرح التلخيص لو جاءه العبد بكوز ماء فأخذ الكوز لم يضر لأن وضع الكوز في يده كوضعه على الأرض فإن شرب ورد الكوز إليه فهو استعمال والله أعلم‏.‏

ولو ركب الدابة لا للرد بطل حقه وإن ركبها للرد أو السقي فوجهان أصحهما البطلان أيضاً كما لو لبس الثوب للرد فإن كانت جموحا يعسر سوقها وقودها فهو معذور في الركوب ولو ركبها للانتفاع فاطلع على العيب لم تجز استدامة الركوب وإن توجه للرد وإن كان لابساً فاطلع على عيب الثوب في الطريق فتوجه للرد ولم ينزع فهو معذور لأن نزع الثوب في الطريق لا يعتاد قاله الماوردي ولو علف الدابة أو سقاها أو حلبها في الطريق لم يضر ولو كان عليها سرج أو إكاف فتركه عليها بطل حقه لأنه انتفاع ولولا ذلك لاحتاج إلى حمل أو تحميل ويعذر بترك العذار واللجام لأنهما خفيفان لا يعد تعليقهما على الدابة انتفاعاً ولأن القود يعسر دونهما ولو أنعلها في الطريق قال الشيخ أبو حامد إن كانت تمشى بلا نعل بطل حقه وإلا فلا ونقل الروياني وجهاً في جواز الانتفاع في الطريق مطلقاً حتى روى عن أبيه جواز وطء الجارية الثيب‏.‏

قلت‏:‏ لو اشترى عبداً فأبق قبل القبض فأجاز المشتري البيع ثم أراد الفسخ فله ذلك ما لم يعد العبد إليه وذكره الإمام الرافعي في آخر المسائل المنثورة في آخر كتاب الإجارة وسأذكره إن شاء الله تعالى هناك والله أعلم‏.‏

 فصل حدوث عيب بالمبيع

إذا حدث بالمبيع عيب في يد المشتري بجناية أو آفة ثم عيب قديم لم يملك الردقهراً لما فيه من الإضرار بالبائع ولا يكلف المشتري الرضى به بل يعلم البائع به فإن رضي به معيبا قيل للمشتري إما أن ترده وإما أن تقنع به ولا شىء لك وإن لم يرض به فلا بد من أن يضم المشتري أرش العيب الحادث إلى المبيع ليرده أو يغرم البائع للمشتري أرش العيب القديم ليمسكه فإن اتفقا على أحد هذين المسلكين فذاك وإن اختلفا فدعا أحدهما إلى الرد مع أرش العيب الحادث ودعا الآخر إلى الإمساك وغرامة أرش العيب القديم ففيه أوجه أحدها المتبع قول المشتري والثاني رأي البائع والثالث وهو أصحها المتبع رأي من يدعو إلى الإمساك والرجوع بأرش القديم سواء كان البائع أو المشتري وما ذكرناه من إعلام المشتري البائع يكون على الفور فإن أخره بلا عذر بطل حقه من الرد والأرش إلا أن يكون العيب الحادث قريب الزوال غالبا كالرمد والحمى فلا يعتبر الفور على أحد القولين بل له انتظار زواله ليرده سليماً عن العيب الحادث ومهما زال العيب الحادث بعدما أخذ المشتري أرش العيب القديم أو قضى به القاضي ولم يأخذه فهل له الفسخ ورد الأرش وجهان‏.‏

أصحهما‏:‏ لا‏.‏

ولو تراضيا ولا قضاء فالأصح أن له الفسخ‏.‏

فرع لو علم العيب القديم بعد زوال الحادث رد على الصحيح ضعيف جداً ولو زال القديم قبل أخذ أرشه لم يأخذه وإن زال بعد أخذه رده على المذهب وقيل‏:‏ وجهان كما لو نبتت سن المجني عليه بعد أخذ الدية هل يردها‏.‏

فرع كل ما يثبت الرد على البائع لو كان عنده يمنع الرد إذا حدث عند المشتري وما لا رد به على البائع لا يمنع الرد إذا حدث في يد المشتري إلا في الأقل فلو خصي العبد ثم علم به عيبا قديما فلا رد وإن زادت قيمته ولو نسي القرآن أو صنعة ثم علم به عيبا قديماً فلا رد لنقصان القيمة‏.‏

ولو زوجها ثم علم بها عيباً فكذلك قال الروياني إلا أن يقول الزوج إن ردك المشتري بعيب فأنت طالق وكان ذلك قبل الدخول فله الرد لزوال المانع ولو علم عيب جارية اشتراها من أبيه أو ابنه بعد أن وطئها وهي ثيب فله الرد وإن حرمت على البائع لأن القية لم تنقص بذلك وكذا لو كانت الجارية رضيعة فأرضعتها أم البائع أو ابنته في يد المشتري ثم علم بها عيباً وإقرار الرقيق على نفسه في يد المشتري بدين المعاملة أو بدين الإتلاف مع تكذيب المولى لا يمنع الرد بالعيب القديم وإن صدقه المولى على دين الإتلاف منع منه فإن عفا المقر له بعد ما أخذ المشتري الأرش فهل له الفسخ ورد الأرش وجهان جاريان فيما إذا أخذ المشتري الأرش لرهنه العبد أو كتابته أو إباقه أو غصبه ونحوها إن مكناه من ذلك ثم زال المانع من الرد قال في التهذيب أصحهما لا فسخ‏.‏

فرع حدث في يد المشتري نكتة بياض في عين العبد ووجد نكتة فزالت إحداهما فقال البائع الزائلة القديمة فلا رد ولا أرش وقال المشتري بل الحادثة ولي الرد حلفا على ما قالا فإن حلف أحدهما دون الآخر قضي له وإن حلفا استفاد البائع دفع الرد والمشتري أخذ الأرش فإن اختلفا في الأرش فليس له إلا الأقل لأنه المستيقن‏.‏

فرع إذا اشترى حلياً من ذهب أو فضة وزنه مائة مثلاً بمائة ثم اطلع على عيب قديم وقد حدث عنده عيب فأوجه أصحها عند الأكثرين يفسخ البيع ويرد الحلي مع أرش النقص الحادث ولا يلزم الربا لأن المقابلة بين الحلي والثمن وهما متماثلان‏.‏

والعيب الحادث مضمون عليه كعيب المأخوذ على جهة السوم فعليه غرامته والثاني وهو قول ابن سريج أنه يفسخ العقد لتعذر إمضائه ولا يرد الحلي على البائع لتعذر رده مع الأرش ودونه فيجعل كالتالف فيغرم المشتري قيمته من غير جنسه معيبا بالعيب القديم سليماً عن الحادث واختار الغزالي هذا الوجه وضعفه الإمام وغيره والثالث وهو قول صاحب التقريب والداركي واختاره الإمام وغيره أنه يرجع بأرش العيب القديم كسائر الصور‏.‏

والمماثلة في الربوي إنما تشترط في ابتداء العقد والأرش حق وجب بد ذلك لا يقدح في العقد السابق وقياس هذا الوجه تجويز الرد مع الأرش عن الحادث كسائر الأموال‏.‏

وإذا أخذ الأرش فقيل يشترط كونه من غير جنس العوضين حذرا من الربا والأصح جوازه منهما لأنه لو امتنع الجنس لامتنع غيره لأنه بيع ربوي بجنسه مع شيء آخر‏.‏

ولو عرف العيب القديم بعد تلف الحلي عنده فالذي ذكره صاحبا الشامل والتتمة أنه يفسخ العقد ويسترد الثمن ويغرم قيمة التالف ولا يمكن أخذ الأرش للربا وفي وجه يجوز أخذ الأرش وصححه في التهذيب وعلى هذا ففي اشتراط كونه من غير الجنس ما سبق‏.‏

ولا يخفى أن المسألة لا تختص بالحلي والنقد بل تجري في كل ربوي بيع بجنسه‏.‏

فرع لو أنعل الدابة ثم علم بها عيبا قديما نظر إن لم النعل فله نزعه والرد فإن لم ينزع والحالة هذه لم يجب على البائع قبول النعل وإن كان النزع يخرم ثقب المسامير ويعيب الحافر فنزع بطل حقه من الرد والأرش وفيه احتمال للإمام ولو ردها مع النعل أجبر البائع على القبول وليس للمشتري طلب قيمة النعل ثم ترك النعل هل هو تمليك من المشتري فيكون للبائع لو سقط أم إعراض فيكون للمشتري وجهان أشبههما‏:‏ الثاني‏.‏

فرع صبغ الثوب لزيادة في قيمته لو صبغ الثوب بما زاد في قيمته ثم علم عيبه فإن غير أن يطالب بشيء فعلى البائع القبول ويصير الصبغ ملكاً للبائع لأنه صفة للثوب لا تزايله وليس كالنعل هذا لفظ الإمام قال ولا صائر إلى أنه يرد ويبقى شريكا في الثوب كما في المغصوب والاحتمال يتطرق إليه وإن أراد الرد وأخذ قيمة الصبغ ففي وجوب الإجابة على البائع وجهان أصحهما لا تجب لكن يأخذ المشتري الأرش‏.‏

ولو طلب المشتري أرش العيب وقال البائع رد الثوب لأغرم لك قيمة الصبغ ففيمن يجاب وجهان وقطع ابن الصباغ والمتولي بأن المجاب البائع ولا أرش للمشتري‏.‏

فرع لو قصر الثوب ثم علم العيب بني على أن القصارة عين قلنا عين فكالصبغ وإن قلنا أثر رد الثوب

 فصل شراء ما مأكوله في جوفه

إذا اشترى ما مأكوله في جوفه كالرانج والبطيخ والرمان والجوز واللوز قيمة كالبيضة المذرة التي لا تصلح لشيء والبطيخة الشديدة التغير رجع بجميع الثمن نص عليه وكيف طريقه قال معظم الأصحاب يتبين فساد البيع لوروده على غير متقوم وقال القفال وطائفة‏:‏ لا يتبين فساد البيع بل طريقه استدراك الظلامة وكما يرجع بجزء من الثمن لنقص جزء من المبيع يرجع بكله لفوات كل المبيع وتظهر فائدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن يختص حتى يكون عليه تنظيف الموضع منها أما إذا كان لفاسدة قيمة كالرانج وبيض النعام والبطيخ إذا وجده حامضاً أو مدود بعض الأطراف فللكسر حالان‏.‏

أحدهما‏:‏ أن لا يوقف على ذلك الفساد إلا بمثله فقولان أظهرهما عند الأكثرين له رده قهراً كالمصراة والثاني لا كما لو قطع الثوب فعلى هذا هو كسائر العيوب الحادثة فيرجع المشتري بأرش العيب القديم أو يضم أرش النقصان إليه ويرده كما سبق وعلى الأول هل يغرم أرش الكسر قولان أظهرهما لا لأنه معذور والثاني يغرم ما بين قيمته صحيحا فاسد اللب ومكسوراً فاسد اللب ولا ينظر إلى الثمن‏.‏

الحال الثاني‏:‏ أن يمكن الوقوف على ذلك الفساد بأقل من لك الكسر فلا رد على المذهب كسائر العيوب وقيل بطرد القولين إذا عرفت هذا فكسر الجوز ونحوه وثقب الرانج من صور الحال الأول وكسر الرانج وترضيض بيض النعام من صور الحال الثاني وكذا تقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شىء فيه وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفته بالتقوير الصغير والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير وقد يحتاج إلى الشق ليعرف وقد يستغنى في معرفة حال البيض بالقلقلة عن الكسر‏.‏

ولو شرط في الرمان الحلاوة فبان حامضاً بالغرز رد وإن بان بالشق فلا‏.‏

فرع شراء ثوب مطوي اشترى ثوباً مطوياً وهو مما ينقص بالنشر فنشره ووقف على عيب به لا يوقف عليه إلا بالنشر ففيه القولان كذا أطلقه الأصحاب على طبقاتهم مع جعلهم بيع الثوب المطوي من صور بيع الغائب ولم يتعرض الأئمة لهذا الإشكال إلا من وجهين أحدهما ذكر إمام الحرمين أن هذا الفرع مبني على تصحيح بيع الغائب والثاني قال صاحب الحاوي وغيره إن كان مطوياً على أكثر من طاقين لم يصح البيع إن لم نجوز بيع الغائب وإن كان مطوياً على طاقين صح لأنه يرى جميع الثوب من جانبيه وهذا حسن لكن المطوي على طاقين لا يرى من جانبيه إلا أحد وجهي الثوب وفي الاكتفاء به تفصيل وخلاف سبق ووراء هذا تصويران أحدهما أن تفرض رؤية الثوب قبل الطي والطي قبل البيع والثاني أن ما نقص بالنشر مرة ينقص به مرتين أو أكثر فلو نشر مرة وبيع وأعيد طيه ثم نشره المشتري فزاد النقص به انتظم التصوير

 فصل حكم المبيع في الصفقة الواحدة

المبيع في الصفقة الواحدة إن كان شيئين بأن اشترى عبدين فخرجا معيبين فله ردهما وكذا لو خرج أحدهما معيباً وليس له رد بعضه إن كان الباقي باقياً في ملكه لما فيه من التشقيص على البائع فإن رضي به البائع جاز على الأصح وإن كان الباقي زائلاً عن ملكه بأن عرف العيب بعد بيع بعض المبيع ففي رد الباقي طريقان أحدهما على قولي تفريق الصفقة وأصحهما القطع بالمنع كما لو كان باقياً في ملكه فعلى هذا هل يرجع بالأرش أما للقدر المبيع فعلى ما ذكرنا فيما إذا باع الكل وأما للقدر الباقي فوجهان أصحهما يرجع لتعذر الرد ولا ينتظر عود الزائل ليرد الجميع كما لا ينتظر زوال العيب الحادث ويجري الوجهان فيما لو اشترى عبدين وباع أحدهما ثم علم العيب ولم نجوز رد الباقي هل يرجع بالأرش ولو اشترى عبداً ومات وخلف ابنين فوجدا به عيباً فالأصح وهو قول ابن الحداد لا ينفرد أحدهما بالرد لأن والثاني ينفرد لأنه رد جميع ما ملك هذا كله إذا اتحد العاقدان أما إذا اشترى رجل من رجلين عبداً وخرج معيباً فله أن يفرد نصيب أحدهما بالرد لأن تعدد البائع يوجب تعدد العقد ولو اشترى رجلان عبداً من رجل فقولان أظهرهما أن لأحدهما أن ينفرد بالرد لأنه رد جميع ما ملك فإن جوزنا الانفراد فانفرد أحدهما فهل تبطل الشركة بينهما ويخلص للممسك ما أمسك وللراد ما استرد أم تبقى الشركة بينهما فيما أمسك واسترد وجهان أصحهما الأول وإن منعنا الانفراد فذاك فيما ينقص بالتبعيض أما ما لا ينقص كالحبوب فوجهان بناء على أن المانع ضرر التبعيض أو اتحاد الصفقة ولو أراد الممنوع من الرد الأرش قال الإمام إن حصل اليأس من إمكان رد نصيب الآخر بأن أعتقه وهو معسر فله أخذ الأرش وإلا نظر فإن رضي صاحبه بالعيب بني على أنه لو اشترى نصيب صاحبه وضمه إلى نصيبه وأراد الكل والرجوع بنصف الثمن هل يجبر على قبوله كما في مسألة النعل وفيه وجهان إن قلنا لا أخذ الأرش وإن قلنا نعم فكذلك على الأصح لأنه توقع بعيد وإن كان صاحبه غائبا لا يعرف الحال ففي الأرش وجهان بسبب الحيلولة الناجزة‏.‏

ولو اشترى رجلان عبداً من رجلين كان كل واحد منهما مشترياً ربع العبد من كل واحد من البائعين فلكل واحد رد الربع إلى أحدهما ولو اشترى ثلاثة من ثلاثة كان كل واحد مشترياً تسع ولو اشترى رجلان عبدين من رجلين فقد اشترى كل واحد من كل واحد ربع كل عبد فلكل واحد رد جميع ما اشترى من كل واحد عليه‏.‏

ولو رد ربع أحد العبدين وحده ففيه قولا التفريق ولو اشترى بعض عبد في صفقة وباقيه في صفقة من البائع الأول أو غيره فله رد أحد البعضين وحده لتعدد الصفقة‏.‏

ولو علم العيب بعد العقد الأول ولم يمكنه الرد فاشترى الباقي فليس له رد الباقي وله رد الأول عند الإمكان‏.‏

 فصل وجود عيب بالمبيع

إذا وجد بالمبيع عيب فقال البائع حدث عند المشتري وقال المشتري بل كان عندك نظر إن كان العيب مما لا يمكن حدوثه بعد البيع كالأصبع الزائدة وشين الشجة المندملة وقد جرى البيع أمس فالقول قول المشتري وإن لم يحتمل تقدمه كجراحة طرية وقد جرى البيع والقبض من سنة فالقول قول البائع من غير يمين وإن احتمل قدمه وحدوثه كالمرض فالقول قول البائع لأن الأصل لزوم العقد واستمراره وكيف يحلف ينظر في جوابه للمشتري فإن ادعى المشتري أن بالمبيع عيباً كان قبل القبض فأراد الرد فقال في جوابه ليس له الرد علي بالعيب الذي يذكره أو لا يلزمني قبوله حلف على ذلك ولا يكلف التعرض لعدم العيب يوم البيع ولا يوم القبض لجواز أنه أقبضه معيباً وهو عالم به أو أنه رضي به بعد البيع ولو نطق به لصار مدعيا مطالباً بالبينة وإن قال في الجواب ما بعته إلا سليما أو ما أقبضته إلا سليماً فهل يلزمه أن يحلف كذلك أم يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد أو لا يلزمني قبوله فيه وجهان أصحهما يلزمه التعرض لما تعرض له في الجواب لتطابق اليمين الجواب وبهذا قطع صاحب التهذيب وغيره وهذا التفصيل والخلاف جاريان في جميع الدعاوى والأجوبة ثم يمينه تكون على البت فيحلف لقد بعته وما به هذا العيب ولا يكفيه أن يقول بعته ولا أعلم به هذا العيب وتجوز اليمين على البت إذا اختبر حال العبد وعلم خفايا أمره كما يجوز بمثله الشهادة على الإعسار وعدالة الشهود وغيرهما وعند عدم الاختبار يجوز أيضاً الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعلم ولا ظن خلافه‏.‏

فرع زعم المشتري أن بالمبيع عيبا لو زعم المشتري أن بالمبيع عيبا فأنكره البائع فالقول قوله ولو اختلفا في بعض الصفات هل هو عيب فالقول قول البائع مع يمينه وهذا إذا لم يعرف الحال من غيرهما قال في التهذيب إن قال واحد من أهل المعرفة به إنه عيب ثبت الرد واعتبر في التتمة شهادة اثنين ولو ادعى البائع علم المشتري بالعيب أو تقصيره في الرد فالقول قول المشتري‏.‏

مدار الرد على التعيب عند القبض حتى لو كان معيباً عند فقبضه وقد زال العيب فلا رد بما كان بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده وقبل الرد سقط حقه من الرد‏.‏

 فصل الفسخ يرفع العقد من حينه

لا من أصله على الصحيح وفي وجه يرفعه من أصله وفي وجه يرفعه من أصله إن كان قبل القبض‏.‏

فرع الاستخدام لا يمنع الرد بلا خلاف ولو وطىء المشتري الثيب فله الرد ولا مهر عليه ووطء الأجنبي والبائع بشبهة كوطء المشتري لا يمنع الرد وأما وطؤهما مختارة زنى فهو عيب حادث‏.‏

هذا في الوطء بعد القبض فإن وطئها المشتري قبل القبض فله الرد ولا يصير قابضاً لها ولا مهر عليه إن سلمت وقبضها فإن تلفت قبل القبض فهل عليه المهر للبائع وجهان بناء على أن الفسخ قبل القبض رفع للعقد من أصله أو حينه الصحيح لا مهر وإن وطئها أجنبي وهي زانية فهو عيب حدث قبل القبض وإن كانت مكرهة فللمشتري المهر ولا خيار له بهذا الوطء وطء البائع كوطء الأجنبي لكن لا مهر عليه إن قلنا إن جناية البائع قبل القبض كالآفة السماوية أما البكر فافتضاضها بعد القبض عيب حادث وقبله جناية على المبيع قبل القبض وإن افتضها الأجنبي بغير آلة الافتضاض فعليه ما نقص من قيمتها وإن افتض بآلته فعليه المهر‏.‏

وهل يدخل فيه أرش البكارة أم يفرد وجهان أصحهما يدخل فعليه مهر مثلها بكراً‏.‏

والثاني يفرد فعليه أرش البكارة ومهر مثلها ثيباً‏.‏

ثم المشتري إن أجاز العقد فالجميع له وإلا فقدر أرش البكارة للبائع لعودها إليه ناقصة والباقي للمشتري وإن افتضها البائع فإن أجاز المشتري فلا شيء على البائع إن قلنا جنايته كالآفة السماوية وإن قلنا إنها كجناية الأجنبي فحكمه حكمه وإن فسخ المشتري فليس على البائع أرش البكارة وهل عليه مهرها ثيباً إن افتض بآلته بني على أن جنايته كالآفة السماوية أم لا وإن افتضها المشتري استقر عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها فإن سلمت حتى قبضها فعليه الثمن بكماله وإن تلفت قبل القبض فعليه بقدر الافتضاض من الثمن وهل عليه مهر مثل ثيب إن افتضها بآلة الافتضاض يبنى على أن العقد ينفسخ من أصله أو من حينه هذا هو الصحيح وفي وجه افتضاض المشتري قبل القبض كافتضاض الأجنبي‏.‏

فرع زياد المبيع زياد المبيع ضربان متصلة ومنفصلة‏.‏

أما المتصلة‏:‏ كالسمن والتعليم وكبر الشجرة فهي تابعة للأصل في الرد ولا شيء على البائع بسببها‏.‏

وأما المنفصلة‏:‏ كالأجرة والولد والثمرة وكسب الرقيق ومهر الجارية الموطوءة بشبهة فلا تمنع الرد بالعيب وتسلم للمشتري سواء الزوائد الحادثة قبل القبض وبعده وفيما إذا كان الرد قبل القبض وجه ضعيف أنها للبائع تفريعاً على أن الفسخ دفع للعقد من أصله فلو نقصت الجارية أو البهيمة بالولادة امتنع الرد للنقص الحادث وإن لم يكن الولد مانعاً‏.‏

وتكلموا في إفراد الجارية بالرد وإن لم تنقص بالولادة بسبب التفريق بينها وبين الولد فقيل لا يجوز الرد ويتعين الأرش إلا أن يكون العلم بالعيب بعد بلوغ الولد حدا يجوز فيه التفريق وقيل لا يحرم التفريق هنا للحاجة وستأتي المسألة مع نظيرها في الرهن إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع اشترى جارية أو بهيمة حاملاً فوجد بها عيباً فإن كانت ردها كذلك وإن وضعت الحمل ونقصت بالولادة فلا رد وإن لم تنقص ففي رد الولد معها قولان بناء على أن الحمل هل يعرف ويأخذ قسطاً من الثمن أم لا والأظهر نعم ويخرج على هذا الخلاف أنه هل للبائع حبس الولد إلى استيفاء الثمن وأنه لو هلك قبل القبض هل يسقط من الثمن بحصته وأنه هل للمشتري بيع الولد قبل القبض فإن قلنا له قسط من الثمن جاز الحبس وسقط الثمن ولم يجز البيع وإلا انعكس الحكم ولو اشترى نخلة وعليها طلع مؤبر ووجد بها عيباً بعد التأبير ففي الثمرة طريقان أصحهما على قولين كالحمل والثاني القطع بأخذها قسطاً لأنها مشاهدة مستيقنة ولو اشترى جارية أو بهيمة حائلاً فحبلت ثم اطلع على عيب فإن نقصت بالحمل فلا رد إن كان الحمل حصل في يد المشتري وإن لم ينقص الحمل أو كان الحمل في يد البائع فله الرد وحكم الولد مبنى على الخلاف إن قلنا يأخذ قسطاً بقي للمشتري فيأخذه إذا انفصل على الصحيح وفي وجه أنه للبائع لاتصاله بالأم عند الرد وإن قلنا لا يأخذ فهي للبائع وأطلق بعضهم أن الحمل الحادث نقص لأنه في الجارية يؤثر في النشاط والجمال وفي البهيمة ينقص اللحم ويخل بالحمل عليها والركوب ولو اشترى نخلة وأطلعت في يده ثم علم عيبا فلمن الطلع فيه وجهان ولو كان على ظهر الحيوان صوف عند البيع فجزه ثم علم به عيبا رد الصوف معه فإن استجز ثانياً وجزه ثم علم العيب لم يرد الثاني لحدوثه في ملكه وإن لم يجزه رده تبعاً‏.‏

ولو اشترى أرضاً فيها أصول الكراث ونحوه وأدخلناها في البيع فنبتت في يد المشتري ثم علم بالأرض عيبا ردها وبقي النابت للمشتري فإنها ليست تبعاً للأرض‏.‏

جائزة بل إذ ندم أحدهما يستحب للآخر إقالته‏.‏

هي أن يقول المتبايعان‏:‏ تقايلنا أو تفاسخنا أو يقول أحدهما أقلتك فيقول الآخر قبلت وما أشبهه وفي كونها فسخاً أو بيعاً قولان أظهرهما فسخ وقيل القولان في لفظ الإقالة فأما إن قالا تفاسخنا ففسخ قطعاً فإن قلنا بيع تجددت بها الشفعة وإلا فلا‏.‏

ولو تقايلا في الصرف وجب التقابض في المجلس إن قلنا بيع وإلا فلا‏.‏

وتجوز الإقالة قبل قبض المبيع إن قلنا فسخ وإلا فهي كبيع المبيع من البائع قبل القبض‏.‏

وتجوز في السلم قبل القبص إن قلنا فسخ وإلا فلا ولا تجوز الإقالة بعد تلف المبيع إن قلنا بيع وإلا فالأصح الجواز كالفسخ بالتحالف وعلى هذا يرد المشتري على البائع مثل المبيع إن كان مثلياً أو قيمته إن كان متقوماً ولو اشترى عبدين فتلف أحدهما ففي الإقالة في الباقي خلاف مرتب لأن الإقالة تصادف القائم فيستتبع التالف‏.‏

وإن تقايلا والمبيع في يد المشتري لم ينفذ تصرف البائع فيه إن قلنا بيع ونفذ إن قلنا فسخ فإن تلف في يده انفسخت الإقالة إن قلنا بيع وبقي البيع الأول بحاله وإلا فعلى المشتري ضمانه لأنه مقبوض على حكم العوض كالمأخوذ قرضاً أو سوماً والواجب فيه إن كان متقوماً أقل القيمتين من يوم العقد والقبض وإن تعيب في يده فإن قلنا بيع يخير البائع بين أن يجيز الإقالة ولا شيء له وبين أن يفسخ ويأخذ الثمن وإن قلنا فسخ غرم أرش العيب ولو استعمله بعد الإقالة فإن قلنا بيع فهو كالبيع يستعمله البائع وإلا فعليه الأجرة ولو علم البائع بالمبيع عيباً كان حدث في يد المشتري قبل الإقالة فلا رد له إن قلنا فسخ وإلا فله رده ويجوز للمشتري حبس المبيع لاسترداده الثمن على القولين‏.‏

ولا يشترط في الإقالة ذكر الثمن ولا يصح إلا بذلك الثمن فلو زاد أو نقص بطلت وبقي البيع بحاله حتى لو أقاله على أن ينظره بالثمن أو على أن يأخذ الصحاح عن المكسر لم يصح ويجوز للورثة الإقالة بعد موت المتبايعين وتجوز في بعض المبيع‏.‏

قال الإمام‏:‏ هذا إذا لم تلزم جهالة أما إذا اشترى عبدين فتقايلا في أحدهما مع بقاء الثاني فلا يجوز على قولنا بيع للجهل بحصة كل واحد‏.‏

وتجوز الإقالة في بعضالمسلم فيه لكن لو أقاله في البعض ليعجل الباقي أو عجل المسلم إليه البعض ليقيله في الباقي فهي فاسدة‏.‏

قلت‏:‏ قال القفال في شرحه التلخيص لو تقايلا ثم اختلفا في الثمن ففيه ثلاثة أوجه سواء قلنا الإقالة بيع أو فسخ أصحها وهو قول ابن المرزبان أن القول قول البائع والثاني قول المشتري والثالث يتحالفان وتبطل الإقالة قال الدارمي وإذا تقايلا وقد زاد المبيع فالزيادة المتميزة للمشتري وغيرها للبائع قال‏:‏ ولو اختلفا في وجود الإقالة صدق منكرها قال ولو باعه ثم تقايلا بعد حلول الأجل ودفع المال استرجعه المشتري في الحال ولا يلزمه أن يصبر قدر الأجل وإن لم يكن دفعه سقط وبرئا جميعاً والله أعلم‏.‏